وقوله:"إنّا نستعينك" أي: نطلب منك العون وحذف متعلقه ليعم. وقوله:"ونستغفرك" أي: نطلب، "مغفرتك" أي: سترك على معاصينا وترك مواخذتك والمتعلق محذوف للتعميم، "ونؤمن بك" أي: نصدق بما ظهر من آياتك، "ونتوكل عليك" أي: نفوض أُمورنا إليك، "ونخنع" أي: نخضع، "ونذل لك ونخلع" أي: الأديان كلها لدينك، "ونترك من يكفرك" أي: نترك موالاة من يجحد نعمتك، "اللهم إياك نعبد" أي: لا نعبد إلا إياك فقدم المعمول للتخصيص وكذا في قوله: "ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفِد" أي: لا نصلي ولا نسجد ولا نسعى أي: نبادر في طاعة وعبادة إلا لك وخص السجود وإن كان داخلًا في عموم الصلاة لشرفه إذ أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، ومعنى نحفِد بكسر الفاء وفتحها أي: نحذم ونبادر إلى طاعتك وعبادتك ومنه سمى الحذم حفدة لمسارعتهم ومثابرتهم على الحذمة نرجو رحمتك لأن أعمالنا لا تفي بشكر نعمتك فما لنا ملجأ إلا رجاء رحمتك، "ونخاف عذابك" أي: نحذر عقابك فنحن بين الرَّجاء والخوف لأن شأن القادر أن يرجى فضله ويخاف عذابه، الجد بكسر الجيم على المشهور الحق ضد الهزل أو الثابت أو الدائم أن عذابك بالكافرين ملحِق أي بَكسر الحاء أي لاحَق بهم الهوان بفتح الحاء اسم مفعول والفاعل هو الله أو الملائكة وزاد عبد الوهاب في التلقين اللهم اهدنا فيمن هديت إلى آخر ما مرَّ في الحديث وهو قنوت الشافعية والحنابلة وقنوت الحنفية قريب من قنوت المالكية وهو اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد إلى آخر ما مرَّ إلا أنهم يبدلون ونخاف بلفظ ونخشى ويجعلون لفظ الجد بعد أن عذابك أي: الجد بالكافر ملحق.
ومعنى قوله: اهدنا أي: وصلنا للمطلوب مع مَنْ هديت ففي بمعنى مع وكذا ما بعد وآثر التعبير بفي إشارة إلى قوة ارتباط هدايته بهدايتهم التي تفيده الظرفية أو المراد اهدنا حال كوننا داخلين في جملة مَنْ هديت وهو أبلغ وكذا يقال في قوله وعافنا وأصل الهدى الرشاد والبيان قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} والهداية من الله التوفيق والإرشاد وطلب الهداية من المؤمنين مع كونهم مهتدين بمعنى طلب التثبيت عليها أو بمعنى المزيد منها.
وعافنا فيمن عافيت المراد بها العافية من الأَسقام والبلايا والعافية أن يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك وحاصل هذا طلب العافية في الآخرة وفي الدنيا وقدم الأول لأنه أهم.
وقولنا فيمن توليت الولي ضد العدو وهو مأخوذ من تليت الشيء إذا اعتنيت به ونظرت فيه نظر الولي في حال اليتم؛ لأنه سبحانه وتعالى ينظر في أمر موليه بالعناية ويجوز أن يكون من وليت الشيء إذا لم يكن بينك وبينه واسطة بمعنى أن الولي يقطع الوسائط بينه وبين الله تعالى حتى يصير في مقام المراقبة والمشاهدة وهو الإِحسان وبارك لنا فيما أعطيت البركة الزيادة وقيل هي حلول الخير الإلهي في الشيء والعطية الهبة والمراد بها هنا ما أنعم الله به وقنا شر ما قضيت معناه أن الله يقدر المكروه بعدم دعاء العبيد المستجاب فإذا استجاب دعاءهم لم يقطع القضاء لفوات شرطه وليس هو