موافقة للأخرى لفظًا، مخالفة لها معنى، كقوله تعالى:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} قال القرطبي: وجه مجازه أنه تعالى لما كان يقطع ثوابه عمن يقطع العمل ملالًا، عبر عن ذلك بالملال من باب تسمية الشيء باسم سببه. وقال الهَرَويّ: لا يقطع عنكم فضله حتى تمَلُّوا سؤاله، فتزهدوا في الرغبة إليه. وقال غيره: معناه: لا يتناهى حقه عليكم في الطاعة حتى يتناهى جهدكم، وهذا كله بناء على أن حتى على بابها في انتهاء الغاية واعتبار مفهومها، وقيل بتاويلها، فقيل: إن معناها: إذا، أي: لا يمل الله إذا مللتم، وهو مستعمل في كلام العرب، كقولهم في البليغ: لا ينقطِعُ حتى تنقطع خصومه؛ لأنه لو انقطع حين ينقطعون لم تكن له عليهم مزَيّة، فالمعنى حينئذٍ أنه لا يمَلُّ. وقال المارَزِيّ: إن حتى هنا بمعنى الواو، فيكون المعنى: لا يمل وتَملون، فنفى عنه الملل، وأثبته إليهم. وقيل: حتى بمعنى حين، وكونه من باب المقابلة اللفظية أليق وأجرى على القواعد، ويؤيده ما وقع في بعض طرق حديث عائشة بلفظ:"اكلَفوا من العملِ ما تُطيقون، فإن الله لا يمَلُّ من الثواب، حتى تملوا من العمل" لكن في سنده موسى بن عبيدة، وهو ضعيف. وقال ابن حِبان في "صحيحه": هذا من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ للمخاطب أن يعرف القصد مما يخاطب به إلا بها، وهذا رأيه في جميع المتشابه.
وقوله:"أحبُّ" قال القاضي أبو بكر بن العربي: المحبة من الله تعلق الإرادة بالثواب، أي أكثر الأعمال ثوابًا. أدومُها.
وقوله:"إليه" أي إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وصرح به المصنف في الرقاق، وفي رواية المُسْتَمْلي عند المصنف ورواية مسلم وإسحاق بن راهُوية:"إلى الله" وهذه موافقة لترجمة الباب، وليس بين الروايتين تخالف، لأن ما كان أحب إلى الله كان أحب إلى رسوله.
وقوله:"ما داوَمَ عليه صاحبُه" أي: وإن قل كما في رواية للمصنف ومسلم. قال النووي: بدوام القليل تتم الطاعة بالذكر والمراقبة والإخلاص