وسلم على عائشة قامت المرأة، كما في رواية حمَّاد بن سَلَمة الآتية.
"فلما قامت لِتخرجَ مرت به في خلال ذهابها، فسأل عنها" وبهذا تجتمع الروايات، قال ابن التّين: لعل عائشة أمنَتْ عليها الفتنة، فلذلك مدحتها في وجهها. قال في "الفتح": لكن في "مسند" الحسن بن سفيان: كانت عندي امرأة، فلما قامت، قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم:"من هذه يا عائشة؟ قالت: يا رسول الله هذه فلانة، وهي أعبدُ أهل المدينة" فظاهر هذه الرواية أن مدحها كان في غيبتها.
وقوله:"مهْ" بسكون الهاء، وينوّن في الوصل، ومعناه: اكفف، يقال: مَهْمَهْتُهُ إذا زجرتُه، وأصل هذه الكلمة: ما هذا؟ كالإنكار، فطرحوا بعض اللفظة، فقالوا: مه، فصيروا الكلمتين كلمة، وهذا الزجر يحتمل أن يكون لعائشة، والمراد نهيُها عن مدح المرأة بما ذكرت، ويحتمل أن يكون المراد النهي عن ذلك الفعل، وقد أخذ بذلك جماعة من الأئمة، فقالوا: تكره صلاة جميع الليل كما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى.
وقوله:"عليكُم بما تُطيقون" أي اشتغلوا بالذي تستطيعون المداومة عليه من الأعمال، وحذف العائد للعلم به، فمنطوقُهُ يقتضي الأمر بالاقتصار على ما يطاق من العبادة، ومفهومه يقتضي النهي عن تكلف ما لا يطاق، وسبب وروده خاص بالصلاة، ولكن اللفظ عام، وهو المعتبر، وقد عبر بقوله:"عليكم" مع أن المخاطب النساء طلبًا لتعميم الحكم، فغلّب الذكور على الإناث في الذكر.
قوله:"فوالله" فيه جواز الحلف من غير استحلاف، وقد يستحب إذا كان في تفخيم أمر من أمور الدين، أو حث عليه، أو تنفير من محذور.
قوله:"لا يَمَلُّ الله حتى تملُّوا" هو بفتح الميم في الموضعين، والمَلال استثقال الشيء، ونفور النفس منه بعد محبته، وهو محال على الله تعالى باتفاق، لأنه من صفات المخلوقين. قال المحققون: إن هذا الإطلاق من باب المشاكلة والازدواج، وهو أن تكون إحدى اللفظتين