للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمس من غير قريش ثقيف وغيرهم ممن مرَّ، وعرف بهذا أن المراد بهذه القبائل من كانت له من أمهاته قرشية لا جميع القبائل المذكورة.

وقوله: "فما شأنه هاهنا" في رواية الإسماعيلي: فما له خرج من الحرم، وزاد مسلم بعد قوله: فما شأنه هاهنا وكانت قريش تعد من الحمس، وبيَّن الحميدي في مسنده أن هذه الزيادة من قول سفيان، ولفظه متصلًا بقوله: ما شأنه هاهنا، قال سفيان: والأحمس: الشديد على دينه، وكانت قريش تسمى الحمس، وكان الشيطان قد استهواهم فقال لهم إنكم إن عظمتم غير حرمكم استخف الناس بحرمكم، فكانوا لا يخرجون من الحرم، وعند الإسماعيلي: فما له خرج من الحرم، قال سفيان: الحمس قريش، وكانت تسمى الحمس، وكانت لا تجاوز الحرم، ويقولون: نحن أهل الله لا نخرج من الحرم، وكان سائر الناس يقف بعرفة وذلك قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} وعرف بهاتين الروايتين معنى حديث جبير، وكأن البخاري حذفها استغناء برواية عروة ولكن في سياق رواية سفيان فوائد زائدة، وقد روى بعض ذلك ابن خزيمة وابن راهويه عن نافع بن جبير، عن أبيه، قال: كانت قريش إنما تدفع من المزدلفة ويقولون: نحن الحمس، فلا نخرج من الحرم، وقد تركوا الموقف بعرفة، قال: فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجاهلية يقف مع الناس بعرفة على جمل له ثم يصبح مع قومه بالمزدلفة، فيقف معهم، ويدفع إذا دفعوا، وعن ابن إسحاق في "المغازي" مختصرًا، وفيه توفيقًا من الله تعالى له.

وأخرجه ابن إسحاق أيضًا عن جبير بن مطعم، قال: أضللت حمارًا لي في الجاهلية فوجدته بعرفة، فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واقفًا بعرفات مع الناس، فلما أسلمت علمت أن الله وقفه لذلك، وأفادت هذه الرواية أن رواية جبير له لذلك كانت قبل الهجرة، وذلك قبل أن يسلم جبير، وهو نظير روايته أنه سمعه يقرأ في المغرب بالطور، وذلك قبل أن يسلم جبير أيضًا، كما مرَّ، وتضمن ذلك التعقب على السهيلي حيث ظن أن رواية جبير لذلك كانت في الإِسلام في حجة الوداع، فقال: انظر كيف أنكر جبير هذا، وقد حج بالناس عتاب سنة ثمان وأبو بكر سنة تسع، ثم قال: إما أن يكونا وقفا بجمع كما كانت قريش تصنع، وإما أن يكون جبير لم يشهد معهما الموسم، وقال الكرماني وقفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعرفة كانت سنة عشر، وكان جبير حينئذ مسلمًا؛ لأنه أسلم يوم الفتح، فإن كان سؤاله عن ذلك إنكارًا أو تعجبًا، فلعله لم يبلغه نزول قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}، وإن كان للاستفهام عن حكمة المخالفة لما كانت عليه الحمس فلا إشكال ويحتمل أن يكون لرسول

<<  <  ج: ص:  >  >>