للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا. فَسَمَّى عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَوَلَجَ عَلَيْهِ شَابٌّ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ، كَانَ لَكَ مِنَ الْقَدَمِ فِي الإِسْلاَمِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ الشَّهَادَةُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ. فَقَالَ: لَيْتَنِي يَا ابْنَ أَخِي وَذَلِكَ كَفَافًا لاَ عَلَيَّ وَلاَ لِي أُوصِى الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ خَيْرًا، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَأَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ خَيْرًا الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيُعْفَو عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَأَنْ لاَ يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ.

هذا طرف من حديث طويل يأتي في مناقب عثمان، وأوله في سياق مقتل عمر، وآخره في قصة بيعة عثمان، وقوله: "يقرأ عمر بن الخطاب عليك السلام"، في رواية المناقب زيادة: "ولا تقل أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين أميرًا" قال ابن التين: إنما قال ذلك عندما أيقن بالموت، إشارة بذلك إلى عائشة، حتى لا تحابيه لكونه أمير المؤمنين. وقوله: "لأوثرنَّه اليومَ على نفسي"، قال ابن بطال: إنما استأذنها عمر لأن الموضع كان بيتها، وكان لها فيه حق، وكان لها أن تؤثر به نفسها، فآثرت به عمر.

واستدل بعضهم باستئذان عمر لها على أنها كانت تملك البيت. وفيه نظر، بل الواقع أنها كانت تملك منفعته بالسكنى فيه والإسكان، ولا يورث عنها، وحكم أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- كالمعتدات لأنهن لا يتزوجن بعده، وقد مرَّ في الحديث الذي قبله وجه الجمع بين قول عائشة: "لأوثرنَّه علي نفسي"، وبين قولها لابن الزبير: "لا تدفني عندهم". ويحتمل أن يكون مرادها بقولها: "لأوثرنَّه على نفسي" الإشارة إلى أنها لو أذنت في ذلك لامتنع عليها الدفن هناك، لمكان عمر، لكونه أجنبيًا منها، بخلاف أبيها وزوجها, ولا يستلزم ذلك أن لا يكون في المكان سعة أم لا, ولهذا كانت تقول بعد أن دفن عمر: "لم أضع ثيابي عني منذ دفن عمر في بيتي" أخرجه ابن سعد وغيره.

وقوله: "ما كان شيء أهم عليّ من ذلك المضجع، فإذا قبضت فاحملوني ثم سلِّموا، ثم قل: يستأذن عمر بن الخطاب"، ذكر ابن سعد عن مالك أن عمر كان يخشى أن تكون أذنت في حياته حياء منه، وأن ترجع عن ذلك بعد موته، فأراد أن لا يكرهها على ذلك. وقوله: "وولج عليه شاب من الأنصار فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله".

وفي رواية المناقب: "وجاء الناس يثنون عليه، وجاء رجل شاب .. إلخ". وفي رواية الكشميهنيّ: "فجعلوا يثنون عليه" وفي حديث جابر عند ابن سعد من تسمية مَنْ أثنى عليه عبد الرحمن بن عوف، وأنه أجابه بما أجاب به غيره، وروى عمر بن شَيَّة أن المغيرة أثنى عليه، وقال له: هنيئًا لك الجنة، وأجابه بنحو ذلك. وروى ابن أبي شَيبة عن المُسَوّر بن مَخْرَمة أنه ممن دخل

<<  <  ج: ص:  >  >>