وقوله: قالت: عمرة هو بالسند المذكور، وقد روى الحديث المرفوع عن عائشة القاسم وعروة كما مضى قريبًا مختصرًا، ورواه عنها أيضًا مختصرًا مسروق في آخر الباب الذي بعده، وأورده في الضحايا مطولًا، وترجم هناك على حكم من أهدى وأقام هل يصير محرمًا أو لا؟ ولم يترجم به هنا ولفظه هناك عن مسروق أنه قال: يا أم المؤمنين! إن رجلًا يبعث بالهدي إلى الكعبة ويجلس في العصر فيوصي أن تقلد بدنته فلا يزال من ذلك اليوم محرمًا حتى يحل الناس، فذكر الحديث نحوه، ولفظ الطحاوي عن مسروق قال: قلت لعائشة: إن رجالًا هاهنا يبعثون بالهدي إلى البيت ويأمرون الذين يبعثون معه بمعلم لهم يقلدها في ذلك اليوم فلا يزالون محرمين حتى يحل الناس. الحديث.
وقال سعيد بن منصور عن عائشة: وقيل لها: إن زيادًا إذا بعث بالهدي أمسك عما يمسك منه المحرم حتى ينحر هديه، فقالت عائشة أوله كعبة يطوف بها؟.
وروى عن هشام عن أبيه بلغ عائشة أن زيادًا بعث بالهدي وتجرد فقالت: إن كنت لأفتل قلائد هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم يبعث بها وهو مقيم عندنا، ما يجتنب شيئًا. وروى مالك في الموطأ عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه رأى رجلًا متجردًا بالعراق فسأل عنه فقالوا: إنه أمر بهديه أن يقلد قال ربيعة: فلقيت عبد الله بن الزبير، فذكرت له ذلك فقال: بدعة ورب الكعبة، ورواه ابن أبي شيبة عن محمد بن إبراهيم أن ربيعة أخبره أنه رأى ابن عباس وهو أمير على البصرة في زمان علي متجردًا على منبر البصرة فذكره فعرف بهذا اسم المبهم في رواية مالك قال ابن التين: خالف ابن عباس في هذا جميع الفقهاء واحتجت عائشة بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وما روته في ذلك، يجب أن يصار إليه، ولعل ابن العباس رجع عنه. وفي هذا قصور شديد، فإن ابن عباس لم ينفرد بذلك، بل ثبت ذلك عن جماعة من الصحابة منهم ابن عمر فقد روى ابن أبي شيبة وابن المنذر عن نافع أن ابن عمر كان إذا بعث الهدي يمسك عما يمسك منه المحرم، إلا أنه يلبي ومنهم: قيس بن سعد بن عبادة، أخرجه سعيد بن منصور عنه. وروى ابن أبي شيبة عن محمد بن علي بن الحسين عن عمرو على أنهما قالا في الرجل: يرسل بدنته أنه يمسك عما يمسك عنه المحرم، وهذا منقطع.
وقال ابن المنذر قال عمر وعلي وقيس بن سعد وابن عمرو وابن عباس والنخعي وعطاء وابن سيرين وآخرون: من أرسل الهدي وأقام حرم عليه ما يحرم على المحرم، وقال ابن مسعود وعائشة وأنس وابن الزبير وآخرون: لا يصير بذلك محرمًا وإلى ذلك صار فقهاء الأمصار ومن حجة الأولين ما رواه الطحاوي وغيره عن عبد الملك بن جابر عن أبيه قال: كنت جالسًا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقدّ قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه وقال: إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتشعر على ما كان كذا فلبست قميصي ونسيت فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي. الحديث.