بالنصب عطف المفعول. وقوله:"وبلال يأخذ في طرف ثوبه" أي: ما يلقينه ليصرفه، عليه الصلاة والسلام، في مصارفه, لأنه تحرم عليه الصدقة. وحذف المفعول للعلم به. وبلال مرفوع بالابتداء، وتاليه خبره، والجملة حالية.
وفي الحديث استحباب وعظ النساء وتعليمهن أحكام الإِسلام، وتذكيرهن بما يجب عليهنَّ، ويستحب حثّهن على الصدقة، وتخصيصهنَّ بذلك في مجلس منفرد، ومحل ذلك كله إذا أمن الفتنة والمفسدة، وفيه جواز صدقة المرأة من مالها من غير توقف على إذن زوجها، أو على مقدار معين من مالها، كالثلث، خلافًا لبعض المالكية. ووجه الدلالة من القصة ترك الاستفصال عن ذلك كله. قال القُرْطبيّ: ولا يقال في هذا أن أزواجهن كانوا حُضُورًا, لأن ذلك لم ينقل، ولو نقل فليس فيه تسليم أزواجهن لهن ذلك, لأن من ثبت له الحق، فالأصل بقاؤه حتى يصرح بإسقاطه، ولم ينقل أن القوم صرحوا بذلك. وأما كونه من الثلث فما دونه، فإن ثبت أنَّهنَّ لا يجوز لهنّ التصرف فيما زاد على الثلث، لم يكن في هذه القصة ما يدل على جواز الزيادة.
وفيه أن الصدقة من دوافع العذاب, لأنه أمرهن بالصدقة، ثم علل بأنهن أكثر أهل النار، لما يقع منهن من كفران النعم واللعن، وفيه ذم اللعن، وهو الدعاء بالإبعاد من رحمة الله، وهو محمول على ما إذا كان في مُعَيَّن. واستدل النَّووَيّ على أنهما من الكبائر بالتوعد عليهما بالنار.
وفيه جواز الصدقة من الأغنياء للمحتاجين، ولو كان الطالب غير محتاج. وأخذ منه الصوفية جواز ما اصطلحوا عليه من الطلب. ولا يخفى ما يشترط فيه من أن المطلوب له يكون غير قادر على التكسب مطلقًا، أو لما لابد له منه. وفي مبادرة تلك النسوة إلى الصدقة بما يعزّ عليهن من حُليَّهنّ، مع ضيق الحال في ذلك الوقت، دلالة على رفع مقامهن في