للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعدها همزة ساكنة، أي نقصنا. وظاهره أن جميع ما أخذوه من الماء مما زاده الله تعالى وأوجده وأنه لم يختلط فيه شي من مائها في الحقيقة، وإن كان في الظاهر مختلطًا، وهذا أبدع وأغرب في المعجزة، وهو ظاهر قوله "ولكن الله أسقانا" بالهمز. ولابن عساكر "سقانا" ويحتمل أن يكون المراد ما نقصنا من مقدار مائك شيئًا. واستدل بهذا على جواز استعمال أواني المشركين ما لم يتعين فيها النجاسة. وفيه إشارة إلى أن الذي أعطاها ليس على سبيل العوض عن مائها، بل على سبيل التكرم والتفضل، وقد اشتمل على علم عظيم من أعلام النبوءة.

وقوله: فقالوا: ما حبسك؟ وللأصيلىّ "فقالوا لها" وفي رواية "قالوا" بدون فاء. وقوله: قالت العجب، أي حبسني العجب. وقوله: إلى هذا الذي، ولأبي ذَرٍّ "إلى هذا الرجل الذي" وقوله: لأسحر الناس من بين، عبرت عن النيانية، وكان المناسب التعبير بقي بدل من، على أن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض. وقوله: وقالت بأصبعها، أي أشارت، وهو من إطلاق القول على الفعل، والوسطى والسَّبابة يشار بهما عند المخاصمة والسب، وهي أي السبابة، المُسَبِّحة أيضًا، لأنها يشار بها إلى التوحيد والتنزيه.

وقوله: أو إنه لرسول الله حقًا؟ هذا منها لم يثبت به الإِيمان للشك، لكن أخذت في النظر فاعقبها الحق فآمنت بعد ذلك. وقوله: بعد ذلك يغيرون، للأصيلي "بعد يغيرون" وهو بضم الياء، من أغار، ويجوز فتحها من غار، وهو قليل. وقوله: الصِّرْم الذي هي منه، بكسر الصاد المهملة وسكون الراء، النفر النازلون بأهليهم على الماء، أو أبيات من الناس مجتمعة، وإنما لم يغيروا عليهم، وهم كفرة للطمع في إسلامهم بسببها، أو لرعاية ذمامها.

وقوله: فقالت يومًا لقومها: ما أرى هؤلاء القوم يدعونكم محمدًا، ما موصولة، وأرى بفتح الهمزة بمعنى أعلم، والمعنى الذي أعتقده أن هؤلاء يتركونكم عمدًا لا غفلة، ولا خوفًا منكم، بل مراعاة لما سبق بيني وبينهم، وهذه الغاية في مراعاة الصحبة اليسيرة، وكان هذا القول سببًا لرغبتهم في الإِسلام. وفي رواية

<<  <  ج: ص:  >  >>