وعبد الله قد مرَّ في تعليق بعد الخامس من العلم، والظاهر عندي بل المتعين أن يكون عبد هو المراد، كما يأتي عن بعض العلماء, لأن عبد الله غير ممكن، كما مرَّ، اللهم إلاَّ إذا قيل بقول ابن عبد البَرّ مِن أن زينب بنت أمَّ سَلَمة ولدت بأرض الحبشة، وأما الذي تنصر فقد قيل: إن تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- لزوجته أم حبيبة كان بعد موته بأرض الحبشة، وبعيد أيضًا أن زينبَ تحزنُ لموت كافر، فلم يبق إلا أن يكون المراد به عبد، بغير إضافة، فيحتاج إلى التعريف.
فأقول: هو مشهور بكنيته أبي أحمد بن جحش الأسَدِيّ، أخو أم المؤمنين زينب، اسم عبد، بغير إضافة، اتفقوا على أنه كان من السابقين الأولين، وقيل إنه هاجر إلى الحبشة، وضُعِّف ذلك، وقال ابن إسحاق: كان أول من قدم المدينة من المهاجرين بعد أبي سَلمة عامر بن ربيعة وعبد الله بن جحش، احتمل بأهله وأخيه عبد، وكان أبو أحمد ضريرًا يطوف مكة أعلاها وأسفلها بغير قائد، وكانت عنده الفارعة بنت أبي سفيان بن حرب، وشهد بدرًا والمشاهد، وفي طوافه مكة بغير قائد يقول:
حبذا مكةُ من وادِ ... بها أهلي وعُوادي
بها ترسخ أوتادي ... بها أمشي بلا هاد
وذكره المرزباني في معجم الشعراء وقال: أنشد النبيّ -صلى الله عليه وسلم-:
لقد حلفتْ على الصفا أُمُّ أحمدٍ ... ومروةَ، بالله، بَرَّتْ يمينها
لنحن الأولى بها ثُمّ لَمْ نَزَلْ ... بمكةَ حتى كاد عنها سمينها
إلى الله نعدو بين مثنى ومَوحد ... ودين رسول الله والحقُّ دينها
وجزم ابن عبد البَرّ بأنه مات بعد أخته زينب، وكانت وفاتها سنة عشرين، فجزم ابن الأثير بأنه مات بعدها، فيه نظر. كما قال في الإصابة. أخرجه البخاريّ أيضًا في الطلاق، وكذا مسلم وأبو داود، وأخرجه التِّرْمِذِيّ في النكاح، والنَّسائيُّ فيه وفي التفسير. ثم قال المصنف: