وصححه ابن حِبّان والحاكم من حديث المُغيرة بن شُعبة مرفوعًا:"الراكبُ خلف الجنازة، والماشي حيثُ شاء منها" فأخذوا بالأول في كون الماشي أمامها، وبالثاني في كون الراكب خلفها، وقال النَّخَعيّ: إن كان في الجنازة نساء مشى أمامها وإلا مشى خلفها. وقال أنس بن مالك كما في "البخاري" تعليقًا: أنتم مشيِّعون، فامشِ بين يديها وخلفها، وعن يمينها وعن شمالها، وظاهره قرب منها أو بعد، ووافقه عبد الرحمن بن قُرْط -بضم القاف وسكون الراء ثم طاء مهملة- الصحابي، لكنه قيد ذلك بالقرب من الجنازة، وظاهر صنيع البخاري اختياره لهذا المذهب الذي هو التخيير في المشي مع الجنازة، وهو قول الثوري، وبه قال ابن حَزْم، لكن قيده بالماشي اتباعًا لما مر قريبًا عن المُغيرة بن شعبة.
وقوله:"إيمانًا واحتسابًا" أي مؤمنًا محتسبًا، لا مكافأة أو مخافة، وقد مر معناهما.
وقوله:"حتى يصلى عليها" بكسر اللام وروي بفتحها، فعلى الأول لا يحصُل الموعود به إلا لمن توجد منه الصلاة، وعلى الثاني قد يقال يحصُل له ذلك ولو لم يصل، لكن المعتمد حمل رواية الفتح على رواية الكسر، لأن حصول القيراط متوقف على وجود الصلاة من الذي يحصُل له، اللهم إلا إذا قصد الصلاة، وحال دونه مانع، فالظاهر حصول الثواب له مطلقًا.
وقوله:"ويُفرَغُ من دفنها" بضم أوله وفتح الراء، وروي بالعكس، وعلى الأول من دفنها نائب عن الفاعل، وعلى الثاني في محل المفعول به، والفراغ من الدفن بتسوية التراب عليها على المعتمد، وقيل: بمجرد الوضع في القبر، وقيل: عند انتهاء الدفن بعد نصب اللبن عليه قبل إهالة التراب عليه، وقد وردت الأخبار بكل ذلك، لكن على الأول جُلُّ الروايات كرواية البخاري هنا:"حتى يفرغ من دفنها" وعند مسلم في إحدى