للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأطلق آخرون أنه كان يصلي إلى بيت المقدس، وقال آخرون: إنه كان يصلي إلى الكعبة، فلما تحوّل إلى المدينة، استقبل بيت المقدس، وهذا ضعيف، ويلزم منه دعوى النَّسخ مرتين، والأول أصح، لأنه يجمع بين القولين. وقد صححه الحاكم وغيره من حديث ابن عباس، وكأن البخاري أراد الإِشارة إلى الجزم بالأصح، من أن الصلاة لما كانت عند البيت، كانت إلى بيت المقدس. واقتصر على ذلك اكتفاء بالأوْلويّة.

لأن صلاتهم إلى غير جهة البيت، وهم عند البيت، إذا كانت لا تضيع، فأحرى أن لا تضيع إذا بعدوا منه، فتقدير الكلام، يعني صلاتكم، التي صليتموها عند البيت إلى بيت المقدس. فانظر هذا الجواب ما أحْسَنَه وما أدقَّه، وانظر تحامُل العيْنيّ على ابن حَجَر من أنه كان من حقه أن يرد على من قال إن اللفظ فيه تصحيف. ويقول هذا لا يسمى تصحيفا، ثم قال: ومن لم يعرف معنى التصحيف كيف يجيب عنه بالتحريف وما قاله في غاية التَّحامل الباطل، الذي لا يناسب، فإن القائل بأنه تصحيف قال: إن البخاريّ جعل لفظة "عند البيت" مكان "لغير البيت" وأي تصحيف بعد هذا؟ وهو قد فسر التصحيف فقال: هو أن يتصحف لفظ بلفظ. وما فسره به منطبق على هذا الواقع غاية الانطباق.

<<  <  ج: ص:  >  >>