فارسي معرب؛ لأنه ليس في الكلام من فَعْليل -بالفتح-، ويقال له: السِّرجين -بالجيم-، وهو في الأصل حرف بين القاف والجيم، يقرب من الكاف.
والبرية، الصحراء، منسوبة إلى البر.
وقوله:"هاهنا وثم سواء" يريد أنهما متساويان في صحة الصلاة؛ لأن ما فيها من الأرواث والبول طاهر، فلا فرق بينها.
ولفظ الأثر عن مالك بن الحُوَيْرث، عن أبيه: صلَّى بنا أبو موسى في دار البريد، وهناك سِرقين الدواب، والبرية على الباب، فقالوا: لو صليت على الباب، فذكره.
وتعقبه القائلون بالنجاسة، فقالوا: لا دِلالة فيه، لاحتمال أنه صلّى على حائل بينه وبين ذلك. وأجيب بأن الأصل عدمه، وقد رواه الثوري في "جامعه" عن الأعمش بسنده، ولفظه: صلّى بنا أبو موسى على مكان فيه سِرقين. وهذا ظاهر في أنه بغير حائل. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" بلفظ: فصلّى بنا على رَوْث وتبنٍ، فقلنا: تصلي هاهنا والبرية إلى جنبك؟ فقال: البرية وهاهنا سواء. وهذا أيضًا كذلك. وقد روى سعيد بن منصور، عن ابن المسيب وغيره أن الصلاة على الطِّنْفِسة محدثة، وإسناده صحيح.
قالوا: فالأولى في الجواب أن يقال: إن هذا من فعل أبي موسى، وقد خالفه غيره من الصحابة كابن عمر وغيره، فلا يكون حجة، أو لعل أبا موسى كان لا يرى الطهارة شرطًا في صحة الصلاة، بل يراها واجبةً برأسها، وهو مذهب مشهور، وقد مرَّ مثله في قصة الصحابي الذي صلّى بعد أن جُرح وظهر عليه الدم الكثير، فلا تكون فيه حجة على أن الروث طاهر، كما أنه لا حجة في ذلك على أن الدم طاهر.
قلت: هذا الجواب غير ظاهر؛ لأن أبا موسى لم يكن منفردًا بذلك الفعل حتى يصحَّ ما قيل فيه، بل كان معه جمع من الصحابة والتابعين، ولم ينكر عليه أحد منهم ما قال، فما أبعد هذا من القياس على ما قيل، وقياس غير المأكول