الثاني أخوها عمرو بن عثمان بن عفان الأمويّ، قيل: يكنى أبا عثمان، ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى، وقال: كان ثقة وله أحاديث. وقال العجليّ مدنيّ ثقة من كبار التابعين، وقال الزبير بن بكّار: كان أكبر ولد عثمان الذين أعقبوا، وذكر أن معاوية زوّجه، لما ولي الخلافة، ابنته رَمْلة. وذكره ابن حِبان في الثقات. روى عن أبيه وأسامة بن زيد، وعنه ابنه عبد الله وعلي بن الحسين وسعيد بن المسيب وغيرهم.
الثالث صُهيب بن سِنان بن مالك، ويقال سِنان بن خالد بن عمرو بن عقيل، ويقال: عمرو بن طُفيل بن عامر بن جَنْدلة بن سعد بن جُذَيم بن كعب بن سعد بن أَسْلَم بن أوْس بن زيد مناة بن النَّمِر بن قاسط النِّمريّ، أبو يحيى، وأمه من بين مالك بن عمرو بن تميم، وهو الروميّ، قيل له ذلك، لأن الروم سَبُوه صغيرًا، وكان أبوه وعمه على الأَبُلَّة من جهة كسرى، وكانت منازلهم على دجلة من جهة الموصل، فأغارت الروم على تلك الناحية فسبت صُهيبًا، وهو غلام صغير، فنشأ بالروم فصار ألْكَن، فابتاعه رجل من كَلْب، فباعه بمكة، فاشتراه عبد الله بن جدعان التيميّ، فأعتقه.
ويقال، بل هرب من الروم، فقدم مكة، فحالف عبد الله بن جدعان، وكان هرب بمال كثير، وكانت أخته أمية تَنْشُده في المواسم، وعماه لبيد وزُحَر. كان أحمد شديد الحمرة تشوبها صُهُوبة، كثير شعر الرأس، يخضب بالحناء، كان اسمه عُميرة أو عبد الملك، فسماه الروم صُهيبًا أسلم هو وعمّار ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- في دار الأرقم، وكان من المستضعفين ممن عُذّب في الله.
هاجر إلى المدينة مع عليّ بن أبي طالب في آخر من هاجر في تلك السنة، فقدما في نصف ربيع الأول شهد بدرًا والمشاهد بعدها، وروى ابن عديّ أنه قال: صحبت النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يُبعث، وروى الحُميديّ والطبرانيّ من طريق للستة عنه، أنه قال: لم يشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مشهدًا قطٌّ إلاّ كنتُ حاضره، ولم يبايع بيعةً قطُّ إلا كنت حاضرها, ولم يَسْر سَرية قطُّ إلاَّ كنتُ حاضَرها, ولا غزا غزوة إلا كنت فيها، عن يمينه أو شماله، وما خافوا أمامهم قطَ إلاَ كنت أمامهم، ولا ما وراءهم إلا كنت وراءهم، وما جعلت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيني وبين العدوّ حتى توفي.
وأخرج ابن عبد البر بسنده عن سعيد بن المسيب قال: لما هاجر صهيب تبعه نفر من المشركين، فانتثر ما في كنانته، وقال: يا معشر قريش، تعلمون أني من أرماكم، ووالله لا تصلون إليّ حتى أرميكم بكل سهم معي، ثم أضربكم بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، فإن كنتم تريدون مالي دللتكم عليه، فرضوا، فعاهدهم ودلهم عليه، فرجعوا فأخذوا ماله، فلما جاء إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"ربح البيع"، فأنزل الله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}.
وروى ابن عَديّ والطبرانيّ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "السابق أربعة: أنا سابق العرب، وصهيب