وقوله:"حتى يعودَ كلُّ فَقَارٍ مكانَهُ" الفَقَار بفتح الفاء والقاف جمع فقارة وهي عظام الظهر وهي العظام التي يقال لها خرز الظهر. قاله القزاز وقال ابن سيده: هي من الكاهل إلى العَجْب. وحكى ثعلب عن ابن الأعرابي أن عدتها سبعة عشر وفي "أمالي الزجاج" أصولها سبع غير التوابع. وعن الأصمعي هي خمس وعشرون: سبع في العنق، وخمس في الصُّلب وبقيتها في أطراف الأضلاع. وحكى في "المطالع" أنه وقع في رواية الأصبلي بفتح الفاء وكسرها ولابن السكن بكسرها، والصواب بفتحها وفي رواية ابن بكير هذه إشكال فكأنه ذكر الضمير؛ لأنه أعاده على لفظ الفقار، والمعنى حتى يعود كل عظام مكانها أو استعمل الفقار للواحد تجوزًا، وفي رواية الكشميهنيّ وجده حتى يعود كل فقاره واختلف في ضبطه فقيل بهاء الضمير وقيل بتاء التأنيث أي: حتى تعود كل عظمة من أعظام الظهر مكانها. والأول معناه حتى يعود جميع عظام ظهره والمراد بهذا كمال الاعتدال. وفي رواية هشيم عن عبد الحميد ثم يمكث قائمًا حتى يقع كل عظم موقعه.
وقوله:"وضعَ يديهِ غيرَ مفترشٍ" أي: لهما ولابن حِبّان عن عتبة بن أبي حكيم عن عباس بن سهل غير مفترش ذراعيه. وقوله:"ولا قابضهِما" بأن يضمهما إليه وفي رواية عيسى: "فإذا سجَدَ فرَّجَ فخذيهِ غيرَ حاملٍ بطنَهُ على شيءٍ منهما". وفي رواية عتبة المذكورة:"ولا حاملٍ بطنَهُ على شيءٍ مِنْ فخذيهِ". وفي رواية عبد الحميد:"جافى يديه عن جنبيه". وفي رواية فليح:"ونحّى يديه عن جنبيه ووضع يديه حذو منكبيه"، وفي رواية ابن إسحاق:"فاعلولى على جنبيه وراحتيه وركبتيه وصدور قدميه حتى رأيت بياض إبطيه ما تحت منكبيه، ثم ثبت حتى اطمأن كل عظم منه ثم رفع رأسه فاعتدل"، وفي رواية عبد الحميد:"ثم يقول اللهُ أكبر ويرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه". ونحوه في رواية عيسى بلفظ:"ثم كبّر فجلس فتورَّك، ونصب قدمه الأخرى ثم كبّر فسجد"، وهذا يخالف رواية عبد الحميد في صفة الجلوس ويقول رواية عبد الحميد رواية فليح عند ابن حِبّان بلفظ:"كان إذا جلس بين السجدتين افترش رجله اليسرى وأقبل بصدر اليمنى على قبلته" أورده مختصرًا في كتاب الصلاة له. وفي رواية ابن إسحاق خلاف الروايتين ولفظه:"فاعتدل على عقبيه وصدور قدميه فإن لم يحتمل التعدد وإلا فرواية عبد الحميد أرجح.
وقوله: "فإذا جلس في الركعتين" أي: الأوليين ليتشهد، وفي رواية فليح: "ثم جلس فافترش رجله اليسرى وأقبل بصدر اليمنى على قبلته، ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى وكفه اليسرى على ركبته اليسرى، وأشار بإصبعه". وفي رواية عيسى: "ثم جلس بعد الركعتين حتى إذا هو أراد أن ينهض إلى القيام قام بتكبيرة". وهذا يخالف في الظاهر رواية عبد الحميد حيث قال: "ثم إذا قام من الركعتين كبّر ورفع يديه كما كبّر عند افتتاح الصلاة". قلت: هذه الرواية ظاهرة فيما ذهبت إليه المالكية من أن التكبير عند القيام من اثنتين لا يقع إلا بعد الاستواء في القيام، ويبطل الجمع الآتي قوله في هذه الرواية كما كبّر عند افتتاح الصلاة، فإنه لا يمكن أن يكون كافتتاح الصلاة إلا إذا كان