للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومبلَغ: الذي هو مجرورها، بفتح اللام، وأوعى: لفتٌ له، والذي يتعلق به رب محذوفٌ، وتقديره "يوجد" أو "يكون" على غير الغالب.

ويجوز على مذهب الكوفيين في أن رُبّ اسمٌ، أن تكون هي مبتدأ و"أوْعى" الخبر، فلا حذف، ولا تقدير. والمعنى: رب مبلغ عني أوعى، أي: أفهم وأحفظ لما أقول من سامع مني. وصرح بذلك ابن مَنْده في روايته عن ابن عَوْن، ولفظه "فإنه عسى أن يكون بعض من لم يشهد أوعى لما أقول من بعض من شَهِد". وعلى أن ربَّ زائدة في الإِعراب، فمحل مجرورها، على حسب العامل بعدها، فهو نصبٌ في نحو: ربَّ رجلٍ صالحٍ لقيتُ. ورفعٌ في نحو "ربَّ رجل عندي". ورفع أو نصب في نحو "ربَّ رجل صالح لقيتُه" ومحل مُبلغ على هذا رفعٌ بالابتداء، وأوعى صفة له. والخبر الفعلُ المحذوف المتقدم.

وهذا التعليق المترجم به أورد المُصنف معناه في الباب. وأما لفظه فهو موصول عنده في باب الخطبة بمنى، من كتاب الحج، من حديث أبي بَكْرة، فذكر هذا اللفظ في آخره، وأخرجه أبو داود والتِّرمذي، وقال: حسن صحيح، بلفظ "نضَّر الله امرأ سمع منا شيئًا، فبلغه كما سمعه، فرب مبلغٍ أوعى من سامع". وقوله: نضر الله، بتشديد الضاد المعجمة، وقد تخفف، والنضرة الحُسْن والرَّوْنق. والمعنى: خصه الله تعالى بالبهجة والسرور، لأنه سعى في نضارة العلم، وتجديد السنة، فجازاه في دعائه بما يناسب حاله في المعاملة، وقد أجاب الله دعاء نبيه، عليه الصلاة والسلام، قال ابن عُيَينة: ليس من أهل الحديث أحد، إلا وفي وجهه نُضْرة لهذا الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>