للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان أنسَب قريشٍ وأعلمهم بأيام العرب ومآثرها ومثالبها. وكانت توضع له الطَّنافس في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-، يحدث الناس بذلك، وفي ذلك يقول الناظم:

ولعقيل توضَع الطنافس ... بمسجد النبي وهو جالس

يحدثُ الناس بأيام العرب ... وما لها من نسب ومن حَسَبِ

وكان أسرع الناس جوابًا، وأحضرهم في القول، وأبلغهم في ذلك. وروي عن ابن عباس أنه قال: في قريش أربعة يتحاكم الناس إليهم، ويقفون عند قولهم في المنافرات: عَقيل بن أبي طالب، ومَخْرَمَة بن نَوْفَل الزُّهريّ وأبو جَهْم بن حُذَيفة العَدَويّ وحُوَيْطب بن عَبْد العُزّى العامريّ.

وكان عقيل يعد المساوىء فمن كانت مساوئه أكثر يقر صاحبه عليه، ومن كانت محاسنه أكثر يقره على صاحبه. وكان أكثرهم ذكرًا لمثالب قريش، فعَادَوْه على ذلك، وقالوا فيه بالباطل، ونسبوه إلى الحمق، واختلقوا عليه أحاديث مزورة، وكان مما أعانهم على ذلك مباغضته لأخيه عليّ، وخروجه إلى معاوية، وإقامته عنده. ويقال: إنه وفد عليه لأجل دَيْن عليه. ويزعمون أن معاوية قال يومًا: هذا أبو يزيد حاضر، لولا علمه بأني خير له من أخيه لما قام عندنا، وتركه، فقال عقيل: أخي خير لي في ديني، وأنت خير لي في دنياي، وقد آثرت دنياي وأسأل الله تعالى خاتمة الخير.

ووقع له ذكر في الصحيح في مواضع، وأخرج النَّسائي، وابن مَاجَه له حديثًا. رُوي أن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاه من خيبر كل سنة مئة وأربعين وسقًا. له أحاديث، روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وروى عنه ابنه محمد، وحفيده عبد الله بن محمد، وعطاء وأبو صالح السّمان وموسى بن طلحة، والحسن البصريّ ومالك بن أبي عامر الأصبحيّ. وفي تاريخ البخاريّ الأصغر، بسند صحيح، أنه مات في أول خلافة يزيد بن معاوية، قبل وقعة الحَرَّة. ومرّ

<<  <  ج: ص:  >  >>