للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حبيب المالكي الأندلسيّ فإنه انفرد بقوله إن أهل كل بلد يتعاملون بدراهيمهم.

وذكر ابن عَبْد البر اختلافًا في الوزن بالنسبة إلى دراهم الأندلس وغيرها، من دراهم البلاد، وكذا خرق المريسي الإجماع فاعتبر النصاب بالعدد لا بالوزن، وانفرد السرخسيّ من الشافعية بحكاية وجه في المذهب "إن الدراهم المغشوشة إذا بلغت قدرًا لوْ ضَمَّ إليه قيمة الغش من نحاس مثلًا، لمبلغ نصابًا فإن الزكاة، تجب فيه وعند أبي حنيفة وصاحبيه إذا كان الغالب على الورق الفضة فهي في حكم الفضة، كان كان الغالب عليه الغش، فهي في حكم العروض، يعتبر أن تبلغ قيمتها نصابًا فلا زكاة فيها إلا بأحد الأمرين: أن يبلغ ما فيها من الفضة مئتي درهم، أو يكون للتجارة وقيمتها مئتان وما زاد على مئتي درهم، ففي كل شيء منه ربع عُشْرة قلّ أو كثر، وبهذا قال مالك والشافعيّ وأحمد والليث، وهو قول الجمهور.

وقال أبو حنيفة وزُفَر: لا شيء فيما زاد على المئتين حتى تبلغ الزيادة أربعين درهمًا، فإنْ بلغتها كان فيها ربع عُشرها، وهو درهم، وبه قال ابن المسيب والحسن وجماعة، فعلى هذا المذهب يكون في النقد وقص كالماشية، واحتج الطبري على هذا المذهب بالقياس على الثمار والحبوب، والجامع كون الذهب والفضة مستخرجَين من الأرض بكلفة ومؤنة، وقد أجمعوا على ذلك في خمسة أوسق فما زاد.

واستُدل بهذا الحديث على عدم الوجوب فيما إذا نقص من النصاب ولو حبة واحدة، خلافًا لمن سامح بنقص يسير، كما نُقل عن بعض المالكية. وقوله: "ولا فيما دون خَمْس ذَوْدٍ صدقة" والذَّود بفتح المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة، قال الزين بن المنير: أضاف خمس إلى ذود وهو مذكر؛ لأنه يقع على المذكر والمؤنث، وأضافه إلى جمع لأنه يقع على المفرد والجمع، وأما قول ابن قتيبة: إنه لا يطلق على الجمع، فلا يصح أن يقال خمس ذود، كما لا يصح خَمس ثَوب، فقد غلّطه العلماء في ذلك، لكن قال أبو حاتم: تركوا القياس في الجمع فقالوا: خمس ذود لخمس من الإبل، كما قالوا ثلاث مئة على غير قياس.

قال القرطبيّ: وهذا صريح في أن الذود واحد في لفظه، والأشهر ما قاله المتقدمون أنه لا يقصر على الواحد، والأكثر على أن الذود من الثلاثة إلى العشرة، وأنه لا واحد له من لفظه. وقال أبو عبيد: من الثنتين إلى العشرة. قال: وهو مختص بالإناث، وقال سيبويه: نقول ثلاث ذَوْد لأن الذود مؤنث، وقال القرطبيّ: أصله ذاد يذود إذا دفع شيئًا، فهو مصدر، وكان من كان عنده دَفع عن نفسه معرة الفقر وشدة الحاجة والفاقة. وقوله: "وليس فيما دون خمس أوسقٍ صدقة" جمع وَسَق، بفتح الواو ويجوز كسرها، وجمعها حينئذ أوساق كجمل وأجمال. وقد وقع كذلك في رواية لمسلم، وهو ستون صاعًا بالاتفاق، وفي رواية ابن ماجة عن أبي سعيد مثل هذا الحديث، وفيه: والوسق ستون صاعًا، وأخرجها أبو داود، لكن قال: ستون مختومًا، والمختوم الصالح. والدارقطني من حديث عائشة أيضًا والوسق ستون صاعًا. ولم تقع في الحديث بيان المكيل بالأوسق، لكن في

<<  <  ج: ص:  >  >>