والاستغفار عن ترك الأولى أو التقصير في بلوغ حق عبادته مع أن نفس الدعاء عبادة وهذا منه عليه الصلاة والسلام عمل بما أمر به في قوله تعالى:{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} على أحسن الوجوه وحكمه الإتيان بالذكر في هذين المحلين من الصلاة أما كونه في حال الصلاة فلأنها أفضل من غيرها وإما في تلك الحالين فلما فيهما من زيادة خشوع وتواضع ليست في غيرهما واستفيد من الحديث إباحة الدعاء في الركوع وإباحة التسبيح في السجود خلافًا لما مرَّ عن مالك وقد اختلفوا في الأذكار في الركوع والسجود فقال مالك وأبو حنيفة والشافعي سنة فلو تركها لم يأثم وصلاته صحيحة سواء تركها سهوًا أو عمدًا لكن يكره عمدًا. وقال أحمد وإسحاق: هو واجب فإن تركه عمدًا بطلت صلاته وإن نسيه لم تبطل زاد أحمد ويسجد للسهو وفي رواية عنه أنه سُنّة، وقال ابن جزم: هو فرض فإن نسيه يسجد للسهو وقد مرَّ في باب وجوب القراءة للإِمام والمأموم عند حديث المسيء صلاته بعض الكلام على أقل ما يجزىء عند الحنفية من التسبيح.
وقال البيهقي: قال الشافعي: يسبح كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث عقبة بن عامر قال: لما نزلت باسم ربك العظيم قال -صلى الله عليه وسلم-: اجعلوها في ركوعكم أخرجه أبو داود وابن حِبّان في صحيحه والطحاوي والمالكية والشافعية لا يشترط عندهم عدد معين كما مرّ في الباب المذكور والواجب عند الحنابلة سبحان ربي العظيم مرة في الركوع وسبحان ربي الأعلى مرة في السجود والثلاثة مستحبة والألفاظ الصادرة منه -صلى الله عليه وسلم- كثيرة منها ما أخرجه مسلم عن حذيفة صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكره وفيه ركع فجعل يقول سبحان ربي العظيم وفي سجوده سبحان ربي الأعلى وزاد ابن ماجه بسند ضعيف ثلاثًا وروى مسلم أيضًا عن علي -رضي الله عنه- فذكر صلاته قال: وإذا ركع قال: اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وإذا سجد قال: لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوّره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين وروى أحمد في مسنده عن ابن عباس بت عند ميمونة فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم وفي سجوده.
وأخرج الأربعة والطحاوي والدارقطني عن حذيفة أنه صلّى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم وفي سجوده سبحان ربي الأعلى وأخرج أبو داود عن مالك بن عوف قال: قمت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام فقرأ سورة البقرة الحديث. وفيه يقول في ركوعه سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة الحديث.
وأخرج البزار في سننه عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في سجوده تعني في صلاة الليل سجد وجهي للذي خلقه فشق سمعه وبصره بحوله وقوته وروى الطحاوي عن عائشة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك استغفرك وأتوب إليك فاغفر لي فإنك أنت التواب وروى عنها أيضًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في ركوعه وسجوده: سبّوح قدّوس رب الملائكة والروح وأخرجه مسلم والنسائي أيضًا، وأخرج مسلم أيضًا: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو راكع أو ساجد: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلاَّ أنت.