-صلى الله عليه وسلم- فأتيناه، فسأله جبير عن الهُدنة فقال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:"ستصالحون الرُّومَ ... الحديث".
والحبشيّ في نسبه نسبة إلى الحَبَشة، بالتحريك، جنس من السودان، منهم أصْحمة ملك الحبشة، الذي أسلم. وفي الحديث أيضًا: إذا هو برجل، قال ابن حَجَر: لم أقف على تسميته، وقيل: هو خِلاد بن رافع بن مالك الخزرجىّ، أخو رفاعة. يكنى أبا يحيى، ذكرهما ابن إسحاق في البدريين. وفي الطبرانيّ عن رفاعة بن مالك قال: خرجتُ أنا وأخي خِلاد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى بدر على بعير أَعْجَف، حتى إذا كنا خلف الروحاء برك بنا البعير، فذكر الحديث، وفيه دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- لهما، وتفله على البعير. قيل: إنه هو المسيء لصلاته.
قال ابن الكلبيّ: إنه قتل يوم بدر. وقال غيره: له رواية، وهذا يدل على أنه عاش بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-. أما على قول ابن الكلبي فيستحيل أن يكون هو صاحب القصة، لتقدم وقعة بدر على هذه القصة بمدة طويلة، وأما على قول غيره، فيحتمل أن يكون هو، لكن لا يلزم من كونه له رواية، أن يكون عاش بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، لاحتمال أن تكون الرواية منقطعة أومتصلة، لكن نقلها عنه صحابي آخر، وعلى هذا فلا منافاة بين هذا، وبين من قال إنه قتل ببدر، إلا أن تجيء رواية غن غير مُخضرمٍ صرح فيها بسماعه منه، فحينئذ يلزم أن يكون عاش بعد النبي عليه الصلاة والسلام، لكن لا يلزم أن يكون هو صاحب هذه القصة إلَّا إن وردت رواية مخصوصة بذلك، ولم تثبت.
وفي الحديث أيضًا فدعا فلانًا، والمراد عمران بن حصين، ويدل على ذلك ما في رواية مسلم من قوله: ثم عجلني النبي -صلى الله عليه وسلم- في ركب بين يديه نطلب الماء، فدلت هذه الرواية على أنه هو وعلي فقط؛ لأنهما خوطبا بلفظ التثنية. ويحتمل أنه كان معهما غيرهما على سبيل التبعية لهما، فيتجه إطلاق لفظ "ركب" في رواية مسلم، وخُصا بالخطاب لأنهما المقصودان بالإرسال، وأما المرأة فلم أقف على تسميتها.