الأمر بالسجود في النجم ينصرف إلى الصلاة. ورد بفعله -عليه الصلاة والسلام- كما يأتي قريبًا، وزعم بعضهم أن عمل أهل المدينة استمر بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- على ترك السجود، وفيه نظر. لما رواه الطبري بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن أبزى عن عمر أنه قرأ النجم في الصلاة، فسجد فيها، ثم قام فقرأ:"إذا زلزلت". وعن نافع عن ابن عمر أنه سجد في النجم. ا. هـ ما نقله. وقد قالت المالكية: إن إجماع فقهاء المدينة وقرائها على ترك السجود فيها مع تكرار القراءة ليلاً ونهارًا، وإن ذلك يدل على النسخ إذْ لا يجمعون على ترك سنة.
قلت: فلعل الإجماع انعقد بعد عمر وابنه رضي الله تعالى عنهما، أو ما نقل عنهما غير صحيح. ومحال السجود في الأعراف عند آخرها "وله يسجدون"، والرعد عقب:"والأصال"، وفي النحل:"ويفعلون ما يؤمرون"، وفي الإسراء:"ويزيدهم خشوعًا"، وفي مريم:"وبكيًا"، وأول الحج:"يفعل ما يشاء". وثانيها "لعلكم تفلحون"، وفي الفرقان:"وزادهم نفورًا"، وفي النمل:"العرش العظيم".
وعند الحنفية:"وما يعلنون"، والم السجدة:"لا يستكبرون"، وص:"وأناب"، وفصلت:"يسأمون"، وعند المالكية:"تعبدون". وآخر النجم والانشقاق:"لا يسجدون"، والعلق آخرها، فلو سجد قبل تمام الآية ولو بحرف، لم يصح؛ لأن وقتها إنما يدخل بتمامها.
وقد مرّت مذاهب الأئمة الأربعة في عدد السجدات، وفيها أقوال أُخر قيل: إنها خمسة عشر كما ورد في الحديث السابق، وبه قال المدنيون عن مالك مكملتها ثانية الحج، وهو مذهب عمر وابنه عبد الله والليث وإسحاق وابن المنذر رواية عن أحمد، واختاره المروزي وابن سريج الشافعيان. وقيل: أربع عشرة بإسقاط سجدة النجم. وهو قول أبي ثور، وقيل: ثنتا عشرة بإسقاط ثانية الحج وص والانشقاق، وهو قول مسروق رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عنه، وقيل: ثلاث عشرة بإسقاط ثانية الحج والانشقاق، وهو قول عطاء الخراساني وقيل: عزائم السجود خمس: الأعراف، وبنو إسرائيل، والنجم، والانشقاق، واقرأ باسم ربك. وهو قول ابن مسعود، رواه ابن أبي شيبة عن إبراهيم عنه.
وقيل: عزائمه أربع: الم تنزيل، وحم تنزيل، والنجم واقرأ باسم ربك، وهو مروي عن علي -رضي الله تعالى عنه- رواه ابن أبي شيبة عنه وقيل: عزائم السجود، الم تنزيل، والأعراف، وحم تنزيل، وبنو إسرائيل. وهو مذهب عبيد بن عمير. "والعزائم" هي المأمورات التي يعزم الناس بالسجود فيها، وقيل: هي ما ثبت بدليل شرعي خال عن معارض راجح، وعن علي ما ورد الأمر فيه بالسجود عزيمة، وقيل: يشرع السجود عند كل لفظ وقع فيه الأمر بالسجود، أو الحث عليه أو الثناء على فاعله، أو سيق مساق المدح، وهذا يبلغ عددًا كثيراً. وقد أشار إليه أبو محمد بن الخشاب في قصيدته الألغازية قال ابن حزم: ثانية الحج لا نقول بها أصلًا في الصلاة، وتبطل الصلاة بها إذا