للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما في قوله هنا: "في قبورهما"، وفي رواية الأعمش الآتية قريبًا: "مر بقبرين"، زاد ابن ماجه: "جديدين".

وقوله: "يعذَّبان" أي: الإِنسانين اللذين سمع صوتهما، وأما رواية الأعمش التي فيها: "مرَّ بقبرين" فيُحتمل أن يقال: أعاد الضمير فيها على غير مذكور، لأن سياق الكلام يدُل عليه. وأن يقال: أعاده على القبرين مجازًا، والمراد مَنْ فيهما.

وقوله: "وما يعذَّبانِ في كبير، ثم قال: بلى" أي: وإنه لكبير، وصرح بذلك في "الأدب المفرد"، وهذا من زيادات رواية منصور هذه على رواية الأعمش، ولم يخرِّجها مسلم.

وفي قوله: "في كبير" شاهد على ورود في للتعليل، وهو مثل قوله عليه الصلاة والسلام: "عُذِّبت امرأة في هِرة"، وخفي ذلك على كثير من النحويين، مع وروده في القرآن، كقوله تعالى: {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} [الأنفال: ٦٨]، وفي الحديث كما مرَّ، وفي الشعر.

واختُلف في معنى قوله: "وإنه لكبير"، فقال أبو عبد الملك البوني: يُحتمل أنّه -صلى الله عليه وسلم- ظن أن ذلك غير كبير، فأُوحي إليه في الحال بأنه كبير، فاستَدْرَكَ. وتُعُقِّب بأنه يكون نسخًا، والنسخ لا يدخل الخبر. وأجيب بأن الحكم بالخبر يجوز نسخه، فقوله: "وما يعذَّبانِ في كبير" إخبار بالحكم، فإذا أُوحي إليه أنه كبير، فأخبر به، كان نسخًا لذلك الحكم.

وقيل: الضمير في قوله: "وإنه" يعود على العذاب، لما ورد في "صحيح" ابن حِبّان عن أبي هريرة: "يعذَّبان عذابًا شديدًا في ذنبٍ هيِّن".

وقيل: الضمير يعود على أحد الذَّنبين وهو النميمة، لأنها من الكبائر، بخلاف كشف العورة. وهذا غير مستقيم، لأن الاستتار المنفي ليس المراد به كشف العورة فقط كما يأتي قريبًا.

وقال الداووديّ وابن العربي: "كبير" المنفي بمعنى أكبر، والمثبت واحد

<<  <  ج: ص:  >  >>