وقال امام الحرمين: لا يحد لعسره، والصحيح في حدّه أنه حُكْم الذهن الجازم المطابق الذي لا يقبل التغير لموجب، يعني من حِسٍّ أو عقل أو عادة، فخرج بالجازم الظن والشك والوهم، وخرج بباقي القيود الاعتقاد، طابق الواقع أم لا، لأنه يقبل التغير، ولم يكن لموجب.
وقوله: باب فضل العلم ليس في رواية المُسْتملي لفظ باب، ولم يذكر لهذه الترِجمة حديثًا. وذلك إما أن يكون اكتفى بالآيتين المذكورتين فيها، وإما بَيَّضَ له ليُلْحق فيه ما يناسبه، فلم يتيسَّر، أو اخترمته المنية قبل أن يُلحق بالباب حديثًا يناسبه، لأنه كتب الأبواب والتراجم، ثم كان يُلْحق فيها ما يناسبها من الحديث على شرطه، فلم يقع له شيء من ذلك، أو أنه تعمد عدم إيراد الحديث إشارة إلى أنه لم يثبت فيه شيء عنده على شرطه، ولكن محل هذا حيث لا يورد فيه آية أو أثرًا، فهو إشارة منه إلى ما ورد في تفسير تلك الآية، وأنه لم يثبت فيه شيء على شرطه. وما دلت عليه الآية كافٍ في الباب، وإلى أن الأثر الوارد في ذلك يقوى به طريق المرفوع، وإن لم يصل في القوة إلى شرطه أو أنه أورد فيه حديث ابن عمر الآتى بعد باب "رفع العلم"، في باب "فضل العلم" وهو "بينا أنا نائم أُتيتُ بقدح لبن ... الخ" ويكون وضعه هناك من تصرّف بعض الرواة، وسيأتي ما فيه. وقوله "وقول الله عَزَّ وَجَلَّ" بالجر عطفا على المضاف إليه في قوله "باب فضل العلم" على رواية من أثبت الباب، أو على العلم في قوله:"كتاب العلم" على رواية من حذفه. وقال في "الفتح": ضبطناه في الأُصول بالرفع عطفًا على كتاب، أو على الاستئناف، وتعقَّب العَيْنيُّ الوجهين بما لا طائل تحته؛ فإن الوجهين صحيحان. فالعطف على "كتاب العلم" لا مانع فيه: لأن كتاب خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ، أي: هذا كتاب العلم، وقوله تعالي. وكذلك رَفعه على الاستئناف، أي الابتداء، ويكون خبره محذوفًا تقديره "مما يتعلق بذلك"، نظير ما مر في قوله في بدء الوحي، وقول الله تعالى:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}[النساء: ١٦٣] وقرينة أنّ المحذوف: "مما يتعلق بذلك" هي سوقه في معرض العلم.