السادس: الناقل، وهو من ينقل الحديث بالإسناد، وهو فوق الطالب، ودون المُحَدِّث، وإلى المراتب أشار سيدي عبد الله في "غُرَّة الصباح" بقوله:
وراغبٌ مبتدىءٌ ذو الطَّلب ... والشيخُ كالإمام في المُهَذَّب
كذا المحدِّث الذي قد كمُلا ... من كل أُستاذ لدى مَنْ عقلاَ
ومن حوى مئة ألفٍ مطلقا ... عليه لفظُ حافِظٍ قد أُطلقا
والحجُةَّ الذي بما قد سلفا ... وزيْدَ مِثْلَيْه يُرى مُتَّصفا
الجَرْحُ والتاريخ والتَّعديل ... فيمن روى يلتزمٌ النَّبيلُ
ومنْ أحاطَ علمهُ بكلِّ ما ... روى يُسَمّى حاكمًا فلتَعْلمَا
وناقلُ الحديثِ بالإِسنادِ ... يدعونه الرَّاوي بلا انتقادِ
ثم قال المصنف:
وقال الحميديّ: كان عند ابن عُيينة "حدثنا وأخبرنا وأنبأنا. وسمعت واحدًا". وللأصيلي وكريمة، وقال لنا الحميديّ، وكذا ذكره أبو نُعيم في "المُسْتَخْرَج" فهو متصلٌ. وأفاد جعفر بن حمدان النَّيْسابُوريّ أن كل ما في البخاريّ من "قال لي" فهو عَرَضٌ أو مناولة. والحمُيديّ وسُفيان بن عُيينة قد مرا في الحديث الأول من الكتاب. وتقرير البخاري ما نقله عن الحُميديّ مع ما يأتي من التعاليق الثلاثة الآتية في كلامه يدل على اختياره له.
قال الخطيب: الأرفع "سمعتُ" ثم "حدثني" ثم "أخبرني" ثم "أنبأني". وقد بينتُ هذا وبسطتهُ عند حديث "إنما الأعمال بالنيات". ولكنْ لابد أن أذكر هنا جملة مختصرة، وهي أنه لا خلاف عند أهل العلم في اتحاد الجميعِ بالنسبة إلى اللغة. ومن أصرح الادلة فيه قوله تعالى {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}[الزلزلة: ٤] وقوله تعالى {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}[فاطر: ١٤].