للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن رفيقنا غدًا ويأمن منهم" فلم يقم إليه غيره، لشدة البرد والجوع والخوف، إلى آخر الخبر.

وفي مُسلم عن حُذيفة أنه قال: لقد حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما كان وما يكون حتى تقومَ الساعةُ" وفي الصحيحين: أن أبا الدَّرداء قال لعلقمة: أليس فيكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره؟ يعني حُذيفة. وسئل حُذيفة: أي الفتن أشد؟ فقال: أن يُعْرَض عليك الخَير والشر فلا تدري أيهما تركب.

وروى زيد بن أسْلَم عن أبيه أن عمر رضي الله عنه، قال لأصحابه: "تمنَّوا، فَتَمَنَّوْا ملء البيت الذي كانوا فيه مالاً وجواهر، ينفقونها في سبيل الله، فقال عمر: لكنّي أتمنى رجالًا مثل أبي عبيدة ومُعاذ بن جبل وحُذيفة بن اليمان، فأستعملهم في طاعة الله عَزَّ وَجَلَّ". ثم بعث بمال إلى أبي عبيدة، وقال للرسول: "انظر ماذا يصنع"، فقسمه. ثم بعث بمالٍ إلى حُذيفة، وقال "انظر ماذا يصنع"، فقسمه. فقال عمر: "قد قلت لكم".

وكان حذيفة، رضي الله عنه، كثير السؤال لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن الفتن والشر ليجتنبهما. وكان عمر، رضي الله عنه، إذا استعمل عاملا، كتب عهده "وقد بعثتُ فلانًا وأمرته بكذا"، فلما استعمل حذيفة على المدائن، كتب في عهده "أنْ اسمعوا له وأطيعوا وأعطُوه ما سألكم"، فلما قدِم المدائن، استقبله الدَّهاقين، فلما قرأ عهده، قالوا: سلنا ما شئت، قال: أسألكم طعاماً آكله، وعلف حماري ما دمتُ فيكم. ثم أقام فيهم، ثم كتب إليه عمر ليَقْدُمَ عليه، فلما بلعْ عُمَرَ قدومُه، كَمُنَ له في الطريق، فلما رآه عمر على الحال التي خرج من عنده عليها، أتاه فألتزمه، وقال: أنت أخي، وأنا أخوك.

شهد حذيفة حرب نَهاوَنْد، فلما قُتِل النعمانُ بنُ مُقْرن أميرُ ذلك الجيش، أخذ الراية، وكان فتح هُمذَانَ والزَّيِّ والدِّيْنَوَر على يده، وشهد

<<  <  ج: ص:  >  >>