للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأولادهم، وأهاليهم. أما خالد فلم يأت عليه إلا أَقَلُّ من شهر حتى ورد أمر الظاهرية بأن يُنادى عليه، فنودِيَ عليه، وهو على أتان، وأشْخصَ على إكافٍ، ثم صار عاقبة أمره إلى العَزل والحبس، وأما حُرَيَثْ فابتُلى في أهله، فرأى فيها ما يَجِلُّ عن الوصف، وأما فلان فإنه ابتُلي في أولاده، فأراه الله فيهم البلايا.

قال عبد القُدوس بن عبد الجبار: فخرج البخاري إلى خَرْتَنْك -بفتح الخاء والتاء بينهما راء ساكنة، وبعد التاء نون ساكنة- قرية من قرى سَمَرْقَنْد، وكان له فيها أقرباء، فنزل عندهم، قال: فسمعته ليلة من الليالي، وقد فَرَغَ من صلاة الليل، يقول في دعائه: اللهم قد ضاقت علي الأرض بما رحبت، فاقبضني إليك، فما تَمَّ الشهر حتى قبضه الله تعالى، قال غالب بن جِبْريل الذي نزل عنده البخاري بخَرْتَنْك: إنه أقام أيامًا فمرض حتى وُجِّهَ إليه رسول من أهل سَمَرْقَنْد يلتمِسون فيه الخروج إليهم، فأجاب وتَهيَّأَ للركوب، ولبس خُفَّيْهِ وتَعَمَّمَ، فلما مشى قدر عشرين خطوة إلى الدابة ليركبها، قال: أرسلوني، فقد ضَعُفْت؛ فأرسلناه، فدعا بدعوات، ثم اضطجع، فقبض، فسال منه عرقٌ كثير، وكان قد قال لنا: كفنوني في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عِمامة ففعلنا، فلما أدرجناه في أكفانه وصلينا عليه، ووضعناه في قبره، فاح من تراب قبره رائحة طيبة كالمسك، ودامت أيامًا، وجعل الناس يختلفون إلى القبر أيامًا، يأخذون من ترابه حتى جعلنا عليه خشبًا مُشبكًا، قال عبد الواحد بن آدم الطَّوَاوِيْسِيُّ: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم، ومعه جماعة من أصحابه وهو واقف في موضع، فسلمت عليه، فرد علي السلام، فقلت له: ما وقوفك هنا يا رسول الله؟ قال: أنتظر محمَّد بن إسماعيل، قال: فلما كان بعد أيام بلغني موته، فنظرت فإذا هو قد مات في الساعة التي رأيت فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك ليلة السبت، ليلة عيد الفطر، سنة ست وخمسين ومئتين، وكانت مدة عمره اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يومًا، تغمده الله برحمته. ومن روى عنه البخاري يَجِلُّ عن العد، ويكفي

<<  <  ج: ص:  >  >>