حَفْصة. أصابته جراحات بأحد فمات منها، وخلَف عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقال إنه شهد بدرًا، ولم يذكره ابن إسحاق في البدريِّين، وهو القائل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حين قال:"سَلُوني عمّا شئتم": من أبي؟ قال: أبوك حُذافة بن قيس. فقالت له أمه: ما سمعت بابن أعقّ منك، أمنت أن تكون أُمك قارفَتْ ما تقارِف نساءُ الجاهلية، فتفضحها على أعين الناس؟ فقال: والله، لو ألحقني بعبد أسود للحقت به.
وكانت فيه دعابة معروفة، ومن دُعابته ما رُوي أنه حل حزام راحلة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، في بعض أسفاره، حتى كاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقع لضحكه. ومن دعابته أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أمَّرَه على سَرِيَّة، فأمرهم أن يجمعوا حطبًا ويوقدوا نارًا، فلما أوقدوها أمرهم بالتَقَحُّمَ فيها، فأبَوا، فقال لهم: ألم يأمركم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بطاعتي؟ وقال:"من أطاع أميري فقد أطاعني"؟ فقالوا: ما آمنا بالله واتبعنا رسوله، إلا لننجو من النار، فصوّب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعلهم، وقال:"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". قال الله تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}.
ومن مناقبه ما رُوي عن أبي رافع أن عُمَر وجه جيشًا إلى الروم، وفيهم عبد الله بن حُذَافة، فأسروه، فقال له ملك الروم: تَنَصَّر أشْرِكْكَ في مُلكي، فأبى، فأمر به، فصُلِب، وأمر برميه بالسهام فلم يجزع، فأُنزل، وأُمر بقدر فصب فيها الماء، وأُغلي، وأمر بإلقاء أسيرٍ فيها، فإذا عظامه تلوح، فأمر بإلقائه إن لم يتنصَّر، فلما ذهبوا به، بكى. قال: رُدّوه. قال: لم بكيتَ؟ قال: تمنيت أن لي مئة نفس تلقى هكذا في الله، فعجب وقال له: قَبّل رأسي، وأنا أخلّي عنك، قال: لا، قال: قبل رأسي وأنا أطلقك ومن معك من المسلمين، قال: نعم، فقبل رأسه ففعل، وأطلق من معه، وهم ثمانون أسيرًا، فقدم بهم على عمر، فقال: حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله، وأنا أبدأ، ففعلوا. وكان الصحابة يقولون: قَبّلْتَ رأس علج، فيقول: أطلق الله بتلك القبلة ثمانين أسيرًا من المسلمين.