وموضوعه كما قال الشيخ زكريا وغيره: ذات النبي - صلى الله عليه وسلم - من حيث إنه نبي، وقال المُناوِي في:"شرح نخبة الفكر": إن هذا باطل؛ لأنّ ما قاله موضوع علم الطب لا الحديث.
قلت: أما قوله: إنه باطل فهو ظاهر عندي ولكن لا من الوجه الذي قاله. فقوله: إن هذا موضوع علم الطب غير صحيح؛ فإنه سها عن آخر الحد من قوله، من حيث إنه نبي، فموضوع علم الطب الذات الشريفة من حيث الجسمية لا من حيث النبوة، لكن الحد مردود من حيث القصور، فإن موضوع كل فن ما يُبحث في ذلك الفن عن عوارضه الذاتية، فالحديث يُبحث فيه عن ذاته عليه الصلاة والسلام من حيث إنه نبي، وعن ذات الله تعالى وصفاته، وعن جميع الحلال والحرام، وكل الشريعة المحمدية؛ فتبين بهذا قصور الحد.
وغايته الفوز بسعادة الدارين.
وأما استمداده فهو من الوحي المنزل عليه - صلى الله عليه وسلم -.
ومسائله الأفراد المستفادة من الأحاديث.
واسمه علم الحديث روايةً.
وواضعه في الحقيقة هو الله تعالى، وبالواسطة هو النبي عليه الصلاة والسلام.
ونسبته إلى علوم الشريعة غير التفسير كلي، وإلى التفسير نسبةُ تساوٍ، هذا ما ظهر لي، والله تعالى أعلم.
وحكم الوجوب كفائي، إذ فرض العين تمكن معرفته من الفقه، وهو مؤلف فيه.
وفضله لا يعلمه إلا الله تعالى، لأنّ فضل كل علم بنسبة ما عُلِم منه، وعلم الحديث معلومة منه الشريعة بأسرها.