[الكهف: ٦٦] أي: باب قوله تعالى. وقوله:{هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ}[الكهف: ٦٦] أي: على شرط أن تعلمني، وهو في موضع الحال من الكاف، وقوله:{مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}[الكهف: ٦٦] أي: علما ذا رشد وهو إصابة الخير. وفي رواية، وقوله تعالى:{عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ}[الكهف: ٦٦] الآية، فالآية بالنصب بتقدير "فذكر" على المفعولية، وذكر باقي الآية، كما هنا، ثابت في رواية الأصيلي، وقرأ يعقوب وأبو عمرو والحسن بفتح الراء والشين. في رَشَدًا، والباقون بضم الراء وسكون الشين، وهما لغتان: كالنَّجَل والنُّجل، وهو مفعول تعلمن، ومفعول عُلِّمت العائد محذوفٌ. وكلاهما منقول من "عَلِم" الذي له مفعول واحد ويجوز أن يكون له علة لـ"أتبعك"، أو مصدرًا، بإضمار فعله، ولا ينافي نُبوَّته وكونه صاحب شريعة أن يتعلم من غيره، ما لم يكن شرطًا في أبواب الدين. فإن الرسول ينبغي أن يكون أعلم ممن أُرسل إليه فيما بُعث به من أصول الدين وفروعه، لا مطلقًا. وكأنه راعى في ذلك غاية الأدب والتواضع، فاستجهل نفسه، واستأذن أن يكون تابعًا له، وسال منه أن يرشده، وينعم عليه بتعليم بعض ما أنعم الله عليه.
أما موسى، عليه الصلاة والسلام، فهو كليم الله تعالى، بنص الكتاب العزيز، أحد أولي العزم من الرسل، وهذا الاسم سمته به آسية بنت مُزاحم، امرأة فرعون، لما وجدوه في التابوت، وهو اسم اقتضاه حاله، لأن موسى مُعرَّب موشى، بالشين المعجمة، ومعناه الماء والشجر. فمو بلغة القبط الماء، وشى الشجر. فقيل: موسى. وسمي موسى بذلك، لأنه وجد بين الشجر والماء. وقيل: إنه عربي، وإن اشتقاقه من المَوْسِ وهو حلق الشعر، فالميم أصلية. وقيل: مشتق من أوسيتُ رأسه إذا حلقته بالموس، فعلى هذا الميم زائدة، وموسى عليه السلام، أبوه عِمران بن يَصْهَر بن فاهت بن لاوي ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، عليه الصلاة والسلام.
ولد وعمرُ عِمران سبعون سنة، وعمِّر عمران مئة وسبعًا وثلاثين سنة، وعُمِّر موسى عليه الصلاة والسلام، مئة وعشرين سنة، وقيل: مئة وستين