من سِبط هارون، وقيل: إنه من ولد فارس، وقيل: إنه ابن خالة ذي القرنين، وقيل: إنه ابن فرعون، صاحب موسى، ملك مصر، وهذا غريب جدًّا. وقيل: إنه ابن بنته.
وأما ولايته أو نبوءته، فجزم القُشَيريّ بأنه وليّ. وأغرب ما قيل فيه أنه ملك، والصحيح أنه نبيّ. وجزم به جماعة. وقال الثَّعلبيّ: هو على جميع الأقوال نبي مُعَمَّر محجوب عن الأبصار. وصححه ابن الجَوْزيّ، أيضًا في كتابه لقوله تعالى حكاية عنه {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي}[الكهف: ٨٢] فدل على أنه نبي أُوحي إليه، ولأنه كان أعلم من موسى بعلم مخصوص، ولا يبعد أن يكون نبي أعلم من نبي، وإن كان يحتمل أن يكون أُوحي إلى نبي في ذلك العصر يأمر الخضر بذلك. ولأنه قدم على قتل ذلك الغلام، وما ذلك إلا للوحي إليه في ذلك، لأن الولي لا يجوز له الإِقدام على قتل النفس بمجرد ما يلقى في خلده، لأن خاطره ليس بواجب العصمة.
وكان بعض أكابر العلماء يقول: أول عقد يحل من الزندقة اعتقاد كون الخضر نبيًا، لأن الزنادقة يتذرعون بكونه غير نبي إلى أن الولي أفضل من النبي، كما قال قائلهم:
مقامُ النبوءة في بَرْزَخ ... فُوَيْق الرسول ودونَ الوليّ
وأما حياته، فالجمهور على أنه باق إلى يوم القيامة، واختلف في سبب تعميره، فقيل: إنه بسبب دعوة آدم، على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام، فقد رُوي أنه لما حضره أجَلُه، جمع بنيه، وقال لهم: إن الله تعالى منزل على أهل الأرض عذابًا، فليكن جسدي معكم في المغارة، حتى تدفنوني بالشام. فلما وقع الطوفان، قال نوح لبنيه: إن آدم دعا الله أن يطيل عمر الذي يدفنه إلى يوم القيامة، فلم يزل جسد آدم حتى كان الخضر هو الذي تولىّ دفنه، وأنجز الله تعالى ما وعده، فهو يحيا إلى ما شاء الله. وقيل: لأنه شرب من عين الحياة، فقد قيل: إن لله عينًا تسمى "عين الحياة"، من شرب منها شرْبةً لم يمت أبدًا، حتى يكون هو الذي يسأل ربه الموت. وهذه