فكأن المصنف لما لم يفتتح كتابه بخطبة أجراه مجرى الرسائل إلى أهل العلم، لينتفعوا بما فيه تعلمًا وتعليمًا.
وأما الجواب عنه بأنه تعارض عنده الابتداء بالتسمية والحمدلة، فلو ابتدأ بالحمدلة لخالف العادة، أو التسمية لم يعد مبتدئًا بالحمدلة، فاكتفى بالتسمية، فهو مُتَعَقَّبٌ بأنه لو جمع بينهما لكان مبتدئًا بالحمدلة بالنسبة إلى ما بعد التسمية، وهذه هي النكتة في حذف واو العطف بينهما، فيكون أولى لموافقته الكتاب العزيز، فإن الصحابة كتبوا المصحف بالتسمية والحمدلة وتلوها، وتبعهم جمع من كتاب المصحف بعدهم في جميع الأمصار من يقول: أن البسملة آية من القرآن، ومن لا يقول ذلك.
وقد سقط في رواية أبي ذَرٍّ، والأَصِيلِيّ لفظة باب، وثبت في رواية غيرهما، فَحَكى فيه عياض ومن تبعه التنوين، وتركه بالإضافة إلى كيف، وقال الكِرْماني: يجوز فيه الإسكان على سبيل التعداد للأبواب، فلا يكون له إعراب.
والباب لغة: فُرجة يتوصل بها من داخل إلى خارج وبالعكس، حقيقة في الأجسام، كباب الدار، ومجاز في المعاني، كباب الصيام مثلًا.
واصطلاحًا: اسم لطائفة من مسائل العلم مشتركة في الفن، مشتملة على فصول غالبًا عند مصنفي الفقهاء، وقد قال في "الفتح": إن البخاري إذا ذكر الباب بدون ترجمة، يكون بمنزلة الفصل مما قبله مع تعلقه به، كصنيع مصنفي الفقهاء.
و"باب" على التنوين وعدمه خبر مبتدأ محذوف، تقديره هذا باب، وإضافته لكيف من باب الإِضافة إلى الجمل على حد قول الشاعر: