للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى عنه البخاريّ، وروى له النسائي بواسطة ابنه محمد بن خالد وأبو زرعة الدمشقيّ وابن وارة وغيرهم. والكَلاعي في نسبه نسبة إلى ذِي الكلاع بفتح الكاف، وذو الكلاع رجلان: أحدهما الأكبر، وهو يزيد ابن النعمان الحِمْيَريّ من ولد شهال بن وَحَاطةَ بن سعد بن عوف بن عَدِيّ بن مالك بن زيد بن شدد بن زُرْعة بن سبأ الأصغر. والثاني وهو أبو شَرَاحيل سمَيْفَع بن ناكور بن عمرو بن يَعْفر بن ذي الكَلاَع الأكبر وهما من أذواء اليمن والتَّكَلُّع التحالف والتجمع، وبه سمي ذو الكلاع الأصغر؛ لأن حمير تكلَّعوا على يديه، أي: تجمعوا إلا قبيلتين: هوازِن وحَرَاز، فإنهما تكلمنا على ذي الكلاع الأكبر قاله في القاموس وشرحه. وانظر كيف يصح هذا مع ما مر قريبًا من أن ذا الكلاع الأكبر جد أعلى لذي الكلاع الأصغر.

الثاني: الأوزاعي، وهو عبد الرحمن بن عمرو بن عوف بن يُحْمد بضم الياء. وكسر الميم، أبو عمر، كان يسكن دمشق خارج باب الفراديس، ثم تحول في آخر عمره إلى بيروت، فسكنها مرابطًا بها إلى أن مات، لم يكن بالشام أعلم منه. قيل: إنه أجاب في سبعين ألف مسألة من حفظه. قال ابن سعد: كان ثقة مأمونًا فاضلًا خيّرًا كثير الحديث والفقه. وقال ابن حبان في "الثقات"، كان من فقهاء أهل الشام وقرائهم وزهّادهم. وقال النَّسائي في "الكُنى": أبو عمرو الأوزاعيّ إمام أهل الشام، وفقيههم، وقال أحمد ابن حنبل: دخل الثَّوْرِيّ والأوزاعي على مالك، فلما خرجا قال مالك: أحدهما أكثر علمًا من صاحبه، ولا يصلح للإمامة، والآخر يصلح للإمامة، يعني الأوزاعي.

وقال أبو إسحاق الفَزاريّ: ما رأيت مثل رجلين: الأوزاعيّ والثَّوريّ. فاما الأوزاعيّ، فكان رجل عامة، والثوري كان رجل خاصة. ولو خيّرتُ لهذه الأمة لاخترت لها الأوزاعيّ؛ لأنه كان أكثر توسعًا، وكان، والله، إمامًا إذ لا نصيب اليوم إماما. ولو أن الأمة أصابتها شدة والأوزاعي فيهم، لرأيت لهم أن يفزعوا إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>