أحمد يسأل عن شهادة المرأة الواحدة في الرضاع فقال: تجوز على حديث عقبة بن الحارث، وهو قول الأوزاعي.
ونقل عن عثمان وابن عباس والزُّهْرِيّ والحسن وإسحاق، وروى عبد الرزاق عن ابن جُرَيْج عن ابن شهاب قال: فَرَّق عثمان بين ناس تناكحوا بقول امرأة سوداء: إنها أرضعتهم. قال ابن شهاب: الناس يأخذون بذلك من قول عثمان اليوم واختاره أبو عبيد إلا أنه قال إن شهدت المرضعة وحدها، وجب على الزوج مفارقة المرأة، ولا يجب عليه الحكم بذلك، وإن شهدت معها أخرى وجب الحكم به، واحتج أيضًا بأنه صلى الله تعالى عليه وسلم، لم يلزم عُقْبة بفراق امرأته، بل قال له:"دعها عنك" وفي رواية ابن جُرَيج "كيف وقد زعمت" فأشار إلى أن ذلك على التنزيه.
وذهب الجمهور إلى أنه لا يكفي في ذلك شهادة المرضعة؛ لأنها شهادة على فعل نفسها. وقد أخرج أبو عُبَيد من طريق عمر والمغيرة بن شُعْبة وعلي بن أبي طالب وابن عباس أنهم امتنعوا من التفرقة بين الزوجين بذلك، فقال عمر فرق بينهما إن جاءت بينة، وإلا فَخَلِّ الرجل وزوجته، إلا أن يتنزها, ولو فتح هذا الباب لم تشأ امرأة أن تفرق بين الزوجين إلاَّ فعلت. وقال الشعبي: تقبل مع ثلاث نسوة بشرط أن لا تتعرض امرأة لطلب أجرة وقيل: لا تقبل مطلقًا. وقيل: تقبل في ثبوت المُحَرَّمية دون ثبوت الأجرة لها على ذلك. وقال مالك: تقبل مع الأخرى. وإن فشا قولها قبل العقد كان فيها قولان مشهوران في مذهبه بالفسخ، وعدمه وندب التَّنزه مطلقًا.
وعن أبي حنيفة لا تقبل في الرضاع شهادة النساء المَتمَحضَات، وعكْسهُ الإصْطخري من الشافعية، وأجاب من لم يقبل شهادة المرضعة وحدها يحمل النهي في قوله "فنهاه عنها" على التنزيه، وبحمل الأمر في قوله:"دعها عنك" على الإرشاد، وقوله "ونكحت زوجًا غيره"، اسم هذا الرجل ظُريب، بضم المعجمة المشالة وفتح الراء مصغر، وهوابن الحارث.