وقيل: سببه تحريم ماريَّة، فقد أخرج ابن سعد عن ابن عباس "خرجت حفصة من بيتها يوم عائشة، فدخل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بجاريته القبطية بيت حفصة فجاءت فرقبته حتى خرجت الجارية، فقالت له: أما إني قد رأيت ما صنعت، قال فاكتمي عليّ وهي حرام. فانطلقت حفصة إلى عائشة، فأخبرتها، فقالت له عائشة: أما يومي فتُعرِس فيه بالقبطية، ويسلم لنسائك سائر أيامهن؟ فنزلت الآية، وأخرج ابن مَرْدَوَيه عن ابن عباس قال: دخلت حفصةُ على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، بيتها فوجدت معه مارية، فقال لا تخبري عائشة حتى أبشرك ببشارة أن أباك يلي هذا الأمر بعد أبي بكر إذا أنامت، فذهبت إلى عائشة فأخبرتها، فقالت له عائشة ذلك. والتمست منه أن يحرّم مارية، فحرَّمها، ثم جاء إلى حفصة فقال: أمرتك أن لا تخبري عائشة، فأخبرتها، فعاتبها ولم يعاتبها على أمر الخلافة، فلهذا قال الله تعالى {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ}[التحريم: ٣].
وأخرج الطَّبرانيُّ في الأوسط, وابن مَرْدَوَيه عن أبي هُرَيرة قال: "دخل رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، بمارية بيت حفصة، فجاءت فوجدتها معه، فقالت: يا رسول الله في بيتي تفعل هذا معى دون نساءتك؟ وأخرج الضياء في "المختارة" عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لحفصة: "لا تخبري أحدًا، إن أُم إبراهيِم عليَّ حرام" قال: فلم يقربها حتى أخبرت عائشة، فأنزل الله {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}[التحريم: ٢].
وفي رواية عن عائشة عند ابن مَرْدَويه، ما يجمع القولين، ففيه أن حفصة أُهديت لها عُكَّة فيها عَسَل، وكان رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، إذا دخل عليها حبسته حتى تلعقه، أو تسقيه منها، فقالت عائشة لجارية عندها حبشية، يقال لها خضراء: إذا دخل على حفصة فانظري ما يصنع، فأخبرتها الجارية بشأن العمل، فارسلت إلى صواحبها فقالت: إذا