للتمليك؛ لأن الذئب لا يملك، وإنما يملكها الملتقط على شرط ضمانها.
وقد أجمعوا على أنه لو جاء صاحبها قبل أن يأكلها الملتقط لأخذها فدل على أنها باقيةٌ على مُلك صاحبها, ولا فرق بين قوله في الشاة "هي لك أو لأخيك أو للذئب" وبين قوله في اللقطة "شأنك بها" أو"خذها" بل هو أشبه بالتملك؛ لأنه لم يشرك معه ذئبًا ولا غيره. ومع ذلك فقالوا في اللقطة: يُعرّفها إذا تصرف فيها ثم جاء صاحبها. وقال الجمهور: يجب تعريفها فإذا انقضت مدة التعريف أكلها إن شاء، وغرم لصاحبها، إلا أن الشافعي قال: لا يجب تعريفها إذا وجدت في الفلاة، وأما في القرية فيجب في الأصح. قال النووي: احتج أصحابنا بقوله صلى الله تعالى عليه في سلم في الرواية الأولى "فإن جاء صاحبها فأعطها إياه" وأجابوا عن رواية مالك بأنه لم يذكر الغرامة، ولا نفاها، فثبت حكمها بدليل آخر.
قال في "الفتح": وكلامه يوهم أن الرواية الأولي من روايات مسلم فيها ذكر حكم الشاة إذا أكلها الملتقط، ولم أر ذلك في شيء من روايات مسلم ولا غيره في حديث زيد بن خالد، لكن عند أبي داود والتِّرْمِذِيَّ والنَّسائي والطَّحاويّ والدارقطنيّ من حديث عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جده في ضالة الشاة "فاجمعها حتى يأتيها باغيها".
قلت: ما ذكره عن مالك من أنه قائل بأكل الشاة مطلقًا، وملكها بالأخذ، وظاهره من غير تفصيل، ليس هو مشهور مذهبه، فمشهوره التفصيل، وحاصله أن الشاة إذا وجدت في فلاة، ولم يتيسر حملها للعمران، كان لواجدها أخذها وأكلها, ولا ضمان عليه فيها، فإن حملها للعمران ولو مذبوحة، فربها أحق بها إن علم، وعليه أجرة حملها. ووجب تعريفها إن حملها حية، كما لو وجدها بقرب العمران، أو اختلطت بغنمه في المرعى.