وأردت أن أحلق رأسي من الجانب الأيسر، فقال: أدر شقك الأيمن من رأسك، فأدرته. وجعل يحلق رأسي وأنا ساكت، فقال لي: كبَّر، فجعلت أكبر حتى قمت، لأذهب، فقال: اين تريد؟ قلت: رحلي، قال: صل ركعتين، ثم امضِ. فقلت: ما ينبغي أن يكون هذا من مثل هذا الحَجَّام إلا ومعه علم فقلتَ: من أين لك ما رأيتك أمرتني به؟ قال: رأيت عطاء بن أبي رباح يفعل هذا.
وروى خليفة بن سلام عن يونُس قال: سمعت الحسن البصريّ ذات يوم في مجلسه يقول: اعتبروا من المنافق بثلاث: إن حدَّث كذب، وإن ائتمن خان، وإن وعد أخلف. فبلغ ذلك عطاء فقال: قد كانت هذه الخلال الثلاث في ولد يعقوب، حدثوه فكذبوه، وائتمنهم فخانوه، ووعدوه فاخلفوه، فأعقبهم الله النبوءة فبلغ ذلك الحسن، فقال: وفوق كل ذي علم عليم. ومن غرائب علمه أنه يقول: إذا أراد الإنسان سفرًا، له القَصْر قبل خروجه، ووافقه طائفة من أصحاب ابن مسعود وخالفه الجمهور ومنها أيضًا أنه إذا وافق يومُ عيدٍ يومَ جمعةٍ يصلى العيد فقط ولا جمعة ولا ظهر في ذلك اليوم. قال الناظم.
من علمه الغريب ان الجُمعَه ... وظُهْرها وركعتا العيد معه
في اليوم يوجبُ صلاة العيد ... ويكتفي عن ظُهرها المجيد
ومنها أيضًا أنه كان يرى إباحة وطء الجواري بإذن أربابهن، وأنه كان يبعث بجواريه إلى ضيفانه إكرامًا لهم. قال ابن خِلّكان: والذي أعتقده أنا أن هذا بعيد، فإنه لو رأى الحل كانت المروءة والغيرة تأبى ذلك، فكيف يظن هذا بمثل هذا الإِمام الجليل؟.
قلت: الذي يدل عليه كلام كتب المذاهب صحة عَزْو هذا المذهب له، فإنهم كثيرًا ما يدرؤون الحد مراعاة لمذهبه كقول خليل المالكي في مختصره مشبهًا على ما لا حد فيه، وكأمة مُحلَّلَة وقومت وإن أبيا. قال