للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي عن مُجاهد: إلا أنه لم يذكر المقداد، وذكر موضعه خَبَّابًا، وذكر في خبر بلال أنهم كانوا يطوفون به، والحبل في عنقه بين أحْبُش مكة. وكان أمية بن خَلَف يخرجه إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة على صدره، ثم يقول: لا يزال كذلك حتى يموت أو يكفر. بمحمد، فيقول، وهو في ذلك: أَحدٌ أَحدٌ. فمر به أبو بكر فاشتراه.

وروي عن سعيد بن المسيّب أنه ذكر عنده بلال فقال: ذاك رجل شحيح على دينه، فإذا أراد المشركون أن يقاربهم قال: الله الله، فلقي النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر، فقال: لو كان لنا مال اشترينا بلالًا، فلقي أبو بكر العباس بن عبد المطلب، فقال له: اشتر لي بلالًا، فانطلق العباس، فقال لسيدته: هل لك أن تبيعيني عبدك هذا قبل أن يفوتك خيره، وتحرمي ثمنه؟ قالت: وما تصنع به، إنه خبيث. وإنه قال: ثم لقيها فقال مثل مقالته، فاشتراه منها، وبعثه إلى أبي بكر، فكان يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى مات عليه الصلاة والسلام، فأراد أن يخرج إلى الشام، فقال له أبو بكر: بل تكون عندي، فقال له: إن كنت أعتقتني لنفسك فأمسكني، وإن كنت أعتقتني لله عَزَّ وَجَلَّ، فَذَرْني أذهب إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، فقال: إذهبْ، فذهب إلى الشام، فكان بها حتى مات.

وقيل: إنه أذن للنبي صلى الله عليه وسلم حياته، ثم أذَّن لأبي بكر حياته، ولم يؤذّن في زمن عمر. فقال له عمر: ما منعك أن تؤذن؟ قال: إني أذَّنت للنبي صلى الله عليه وسلم حتى قُبض، وأَذَّنْتُ لأبي بكر حتى قبض لأنه كان ولي نعمتي. وقد سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يا بلال ليس عمل أفضل من الجهاد في سبيل الله"، فخرج مجاهدًا. قيل: إنه أَذن لعمر حين دخل الشام مرة، فبكى عمر وغيره من المسلمين وروي عن مالك أنه قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: "يا بلال إني دخلت الجنة، فسمعت فيها خشفًا أمامي، فقلتُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>