للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا، فمن بلغ الحنث لا يحصل لمن فقده ما ذكر من هذا الثواب، وإن كان في فقد الولد أجر في الجملة. وبهذا صرح كثيرٌ من العلماء، وفرقوا بين البالغ وغيره بأنه يتصور منه العقوق المقتضي لعدم الرحمة، بخلاف الصغير, فإنه لا يتصور منه ذلك، إذ ليس بمخاطب.

وقال الزين بن المنير: بل يدخل الكبير في ذلك من طريق الفحوى، لأنه إذا ثبت ذلك في الطفل الذي هو كلٌّ على أبويه، فكيف لا يثبت في الكبير الذي بلغ معه السعي، ووصل له منه النفع، وتوجه إليه الخطاب بالحقوق؟ قال: ولعل هذا هو السر في الغاء البخاري التقييد بذلك في الترجمة، ويقوي الأول قوله في بقية الحديث: "بفضل رحمته إياه" لأن الرحمة للصغار أكثر، لعدم حصول الإِثم منهم، وهل يلتحق بالصغار من بلغ مجنونًا مثلًا واستمر على ذلك فمات؟ فيه نظر, لأن كونهم لا إثم عليهم، يقتضي الإِلحاق، وكون الامتحان بهم يخف بموتهم يقتضي عدمه، وهل يدخل في الأولاد أولاد الأولاد؟ محل بحث، والذي يظهر أن أولاد الصُلب يدخلون، ولاسيما عند فقد الوسائط بينهم وبين الأب، وفي التقييد بكونهم من صُلبه، ما يدل على إخراج أولاد البنات.

وفي الحديث ما كان عليه نساء الصحابة من الحرص على تعليم الدين، وفيه جواز الوعد، وأن أولاد المسلمين في الجنة, لأنه يبعد أن الله تعالى يغفر للآباء بفضل رحمته للأبناء، ولا يرحم الأبناء، وكون أولاد المسلمين في الجنة قاله الجمهور، ووقفت طائفة قليلة، وقال النووي: أجمع من يعتد به من علماء المسلمين، على أن من مات من أطفال المسلمين، فهو من أهل الجنة، وتوقف فيه بعضهم لحديث عائشة الذي أخرجه مسلم بلفظ "تُوفيّ صبي من الأنصار، فقلت: طوبى له لم يعمل سوءًا، ولم يدركه، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: أو غير ذلك يا عائشة إن الله خلق للجنة أهلًا" الحديث. قال: والجواب عنه أنه لعله نهانا عن المسارعة إلى القطع من غير دليل، أو قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>