فإن ابن الأعْرابي أنشده منونا، وليس بضرورة كما لا يخفى، وهي فعلى، من الدنو، تأنيث الأدنى، أي الأقرب، سميت بذلك لسبقها للأخرى، وقيل: سميت به لدنوها إلى الزوال. واختلف في حقيقتها، فقيل: ما على الأرض من الهواء والجو مما قبل قيام الساعة، وقيل: كل المخلوقات من الجواهر والأعراض، والأول أولى، ويطلق على كل جزء منها مجازًا، وإنما أنثت "دنيا" مع أنها أفعل تفضيل، وأفعل التفضيل إذا جرد من أل والإِضافة، يجب تذكيره، لأنها لكثرة استعمالها خُلِعتْ عنها الوصفية، واستعملت استعمال الأسماء، فجاز فيها ذلك. ومثلها الجلَّى في قول الشاعر:
وقوله:"يُصيبُها" الإِصابة: الحصول، والوجدان، والإرادة، وتجيء هذه المعاني كلها ها هنا. والتنصيص على المرأة بعد الدنيا، من عطف الخاص على العام، والأصل في أن يكون بالواو خاصة، وجاء هنا بـ "أو" على خلاف الأصل، وقول من قال إن النكرة لا تَعُمُّ في الإِثبات مردود، لأنها تَعُمُّ إذا كانت في سياق الشرط كما هنا، ونكتة الاهتمام الزيادة في التحذير، لأنّ الافتتان بها أشد، لحديث أسامة بن زيد عند الشيخين:"ما تَرَكْتُ بعدي فتنةً أَضرَّ على الرجال من النساء" وما أخرجه أبو نُعيم في "الحلية" عن عبد الرحمن بن عابِس، قال: الشبابُ شعبةٌ من الجنونِ، والنساءُ حِبالةُ الشيطان، مع ما اشتهر من أن سبب هذا الحديث قصة