فبكى معاوية، وقال: رحم الله أبا الحسن كان والله، كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال: بلغ حزن من ذُبح ولدها في حجرها. وكان معاوية يكتب فيما ينزل به ليسأل علي بن أبي طالب رضي الله عنه في ذلك، ولما بلغه موته قال: ذهب الفقه بموت ابن أبي طالب، فقال أخوه عتبة: لا يسمع هذا منك أهل الشام، فقال له: دعني. وروى أبو سعيد الخدري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"تمرق مارقةٌ في حين اختلاف من المسلمين تقتلها أولى الطائفتين بالحق".
وقال طاووس: قيل لابن عباس: أخبرنا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرنا عن أبي بكر. قال: كان والله خيرًا كله، على حدّة فيه، قلنا: فعمر، قال: كان والله كيِّسا حذرًا، كالطير الحذر الذي قد نصب له الشُرُك، فهو يراه ويخشى أن يقع فيه، مع العنف وشدة السير. قلنا: فعثمان، قال: كان والله صَوّامًا قوامًا من أجل غلبة رقته. قلنا. فعلي، قال كان والله قد ملىء علمًا وحلمًا من رجل غرته سابقته وقرابته فقلما أشرف على شيء من الدنيا إلاَّ فاته، فقيل: إنهم يقولون كان مجدودا، فقال: أنتم تقولون ذلك.
وقال صلى الله عليه وسلم في أصحابه "أقضاهم علي بن أبي طالب". وقال عمر بن الخطاب: علي أقضانا وأبي أقرأنا، وإنا لنترك أشياء من قراءة أبي. وقيل للشعبي: إن المغيرة يقول: والله ما أخطأ علي في قضاء قضى به قط، فقال الشعبي: لقد أفرط. وكان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن، ويقول: لولا علي لهلك عمر، وذلك بسبب المجنونة التي أمر برجمها. وفي التي وضعت لستة أشهر، فأراد عمر رجمهما، فقال له عليّ إن الله تعالى يقول:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف: ١٥] الآية، وقال:"إن الله رفع القلم عن المجنون" .. الحديث.