ينصروا الباطل. ثم ظهر بقتل عمار أن الحق كان مع علي، واتفق على ذلك أهل السنة بعد أن وقع فيه اختلاف في القديم، ثم خرجت عليه الخوارج، وكفروه وكل من كان معه إذ رضي بالتحكيم بينه وبين أهل الشام. وقالوا له: حكَّمْت الرجال في دين الله، والله تعالى يقول {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}[الأنعام: ٥٧] ثم اجتمعوا وشقوا على المسلمين، ونصبوا راية الخلاف وسفكوا الدماء وقطعوا السبل. فخرج إليهم بمن معه، ورام مراجعتهم، فأبوا إلا القتال، فقاتلهم بالنهروان، فقتلهم واستأصل جمهورهم، ولم ينج إلا اليسير منهم، فانتدب له من بقاياهم عبد الرحمن بن مُلْجم، قيل التَّجوبيّ وقيل السُّكُوني وقيل الحِمْيريّ.
وتجوب رجل من حمير أصاب دمًا في قومه، فلجأ إلى مراد فقال لهم: جئت إليكم أجوب البلاد، فقيل له: أنت تجوب، فسمي به، فهو اليوم من مراد رهط عبد الرحمن الملعون هذا. فأصله من حمير، وهو حليف لمراد وعداده فيهم، وكان رجلًا فاتكًا ملعونًا، ويقال في سبب قتله له أنه خطب امرأة من بني عجْل بن نِجَيح، يقال لها قطام، كانت ترى رأي الخوارج، وكان علي رضي الله عنه قد قتل أباها وإخوتها بالنهروان، فلما تعاقد الخوارج على قتل علي وعمرو بن العاص ومعاوية، خرج منهم ثلاثة نفر لذلك، كان عبد الرحمن بن ملجم هو الذي شرط قتل علي رضي الله عنه، فدخل الكوفة عازمًا على ذلك واشترى لذلك سيفًا بألف، وسقاه السُّم فيما زعموا حتى لفظه، وكان في خلال ذلك يأتي عليًا رضي الله عنه، يسأله ويستحمله فيحمله، إلى أن وقعت عينيه على قطام، وكانت رائعةً جميلةً، فأعجبته ووقعت بنفسه فخطبها، فقالت: آليت أن لا أتزوج إلا على مهرٍ لا أريد سواه، فقال: وما هو؟ فقالت: ثلاثةُ آلافٍ وقتلُ علي بن أبي طالب، رضي الله عنه. فقال: والله لقد قصدت لقتل علي والفتك به، وما أقدمني هذا المصر غير ذلك، ولكني لما رأيتك آثرت تزويجك. فقالت ليس إلا الذي قلت لك. فقال لها: وماذا يغنيك وما يغنيني منك قتل علي وأنا أعلم أني إن قتلته لم أفت. فقالت: إن قتلته ونجوت فهو الذي