للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه أوصى إلى الزبير، فأبى، فقال: أسألك بالله والرحم إلاَّ ما قبلت، فإني سمعت عمر يقول: إن الزبير ركن من أركان الدين. وروى الحُميدي أنه أوصى إليه عثمان والمقداد بن مسعود وابن عوف وغيرهم، فكان يحفظ أموالهم وينفق على أولادهم من ماله. وروى يعقوب بن سفيان أن الزبير كان له ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، فكان لا يدخل بيته منها شيئًا، يتصدق به كله. وقصته في وفاء دينه وفيما وقع في تركته من البركة مذكور فى كتاب الخمس من البخاري بطولها.

وثبت عن الزبير أنه قال: جمع لي النبي صلى الله عليه وسلم أبويه مرتين: يوم أحد ويوم قريظة، فقال: إرم فداك أبي وأمي. وروي عن هشام بن عُرْوة عن عَبّاد بن حمزة بن الزبير أنه قال: كانت على الزبير عمامة صفراء مُعْتَجرًا بها يوم بدر، ونزلت الملائكة عليها عمائم صفر، وشهد الحديبية والمشاهد كلها. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يلج النار أحدٌ شهد، بدرًا أو الحديبية". وقال أبو إسحاق السَّبيعي: سألت مجلسًا فيه أكثر من عشرين رجلًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان أكرم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: الزبير وعلي بن أبي طالب.

وكان الزبير وعلي وطلحة وسعد بن أبي وقاص ولدوا في عام واحد، وكان الزبير تاجرًا مجدودًا في التجارة. وقيل له يومًا: بم أدركت في التجارة ما أدركت؟ فقال: لأني لم أشتر غبنًا، ولم أرد ربحًا، والله يبارك لمن يشاء. ومن كثرة ماله أنه مات وله أربع نسوة، وأوصى بالثلث، وأصاب كل امرأة منهن ألف ألف ومئتا ألف، ومجموع ماله خمسون ألف ألف ومائة ألف. شهد الزبير وطلحة الجمل، فلما التقى الفريقان كان طلحة أول قتيلٍ، وقاتل الزبير ساعةً، وناداه علي وانفرد به، فذكره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له، وقد وجدهما يضحكان بعضهما إلى بعض: أما إنك ستقاتل عليًا وأنت له ظالم. فذكر الزبير ذلك، فانصرف عن القتال نادمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>