إيقاع الشك في قلوب الناس، فرووا "أنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي، إلا أن يشاء الله".
الثاني: قوم متعصبون، منهم من تعصب لعلي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فوضعوا فيه أحاديث، وقوم تعصبوا لمعاوية، ورووا له أشياء، وقوم تعصبوا لأبي حنيفة رضي الله عنه، قال ابن حبان: وضع الحسن بن علي بن زكرياء العدَويّ الرازيّ حديث "النظر إلى وجه عليّ عبادة". وحدث عن الثقات لعله بما يزيد على ألف حديث سوى المقلوبات. وقال الخطيب في "الكفاية" بسنده إلى المهدي قال: أقرّ عندي رجل من الزنادقة أنه وضع أربع مئة حديث، فهي تجول. وقوم وضعوا أحاديث في الترغيب والترهيب. وعن ابن الصّلاح قال: رويت عن أبي عِصْمَة نوح بن أبي مريم أنه قيل له: من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة، ومعاذ بن أبي إِسحاق، فوضعت هذا الحديث. وقال يحيى: نوح هذا ليس بشيء، لا يكتب حديثه. وقال مسلم وأبو حاتم والدارقطنيّ: متروك.
ويعرف الموضوع بإقرار واضعه، أو ما يتنزل منزلة إقراره، أو قرينة في حال الراوي أو المروي، أو ركاكة لفظه، أو لرواية عمن لم يدركه، ولا يخفى ذلك على أهل هذا الشأن. وقيل لعبد الله بن المبارك: هذه الأحاديث الموضوعة؟ قال: يعيش لها الجهابذة. وأما جهات الوضع، فربما يكون من كلامه نفسه، أو يأخذ كلامًا من مقالات بعض الحكماء، أو كلام بعض الصحابة، فرفعه، كما روي عن أحمد بن إسماعيل السَّهميّ عن مالك عن وَهْب بن كيْسان عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خَداج إلا الإِمام" وهو في الموطأ عن وهب عن جابر من قوله، وربما أخذوا كلامًا للتابعين فزادوا فيه رجلًا فرفعوه، وقوم من المجروحين عمدوا إلى أحاديث مشهورة