للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النحو أن يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم "من كذب علي ... " إلخ، لأنه لم يكن يلحن، فمهما لحن الراوي، فقد كذب عليه. وكان الأوزاعي يعطي كتبه إذا كان فيها لحن لمن يصلحها، فإذا صح في روايته كلمة غير مفيدة، فله أن يسأله عنها أهل العلم ويرويها على ما يجوز فيه. روي ذلك عن أحمد وغيره قال النَّسائي، فيما حكاه القابسيّ: إذا كان اللحن شيئًا تقوله العرب، وإن كان في لغة قريش ليس بإعراب، أفأعربه؟ قال: نعم. وقد قال سيدي عبد الله في "طلعة الأنوار":

قد خوّفوا اللاّحن من وعيد ... في مفتر على النبي شديد

ومثله مُصَحِّفٌ واندفعا ... بالنحو والأخذ من الذي وعى

فقلما سلم من تصحيف ... مقلد الصُّحُفِ ومن تحريف

.... فالأخذ للحديث وغيره من بطون الكتب دون الأشياخ، لا يسلم من التصحيف والتحريف، ولله در القائل:

إِذا رمت العلوم بغير شيخ ... ضللت عن الصراط المستقيم

وتلتَبسِ الأُمور عليك حتى ... تكون أضل من نوم الحكيم

وذلك لأنه "رأى الحبة السوداء فيها شفاء من كل داء"، فقرأه "الحية" بالمثناة التحتيه، فأخذ حية سوداء، فأكلها فقتلته، أو أعمته.

والفرق بين التصحيف والتحريف، هو أن التحريف يكون بتغيير الشكل، والتصحيف بتغيير اللفظ، مثالُ التحريف تغييرُ سُليم بالضم، بِسَليم بالفتح، أو العكس. ومثال التصحيف هو أن أبا بكر الصُّولي أملى "من صام رمضان وأتبعه ستًا من شوال، فكأنما صام الدهر كله" فقال شيئًا بالشين المعجمة، والياء التحتية.

ومما يستأنس به في قراءة الحديث باللحن ما في كتاب "المغيث في حكم اللحن في الحديث" ونصه: مما يستأنس به للترخص في الحديث ما أخرجه في مسند الفردوس: إذا قرأ القارىء فأخطأ أو لحن، أو كان أعجميًا، كتبه الملك كما أنزل. لكن كل ما كان في مسند الفردوس

<<  <  ج: ص:  >  >>