وقوله "فجاء رجلٌ من أهل اليمن، فقال: اكتب لي يا رسول الله، فقال: اكتبوا لأبي فلان" أبو فلان هو أبو شاهٍ، بهاء منونة، اليمانيُّ، جاء مسمى في اللقطة، ويأتي تعريفه في آخر الكلام على سند هذا الحديث، وفي اللقطة زيادة عن الوليد بن مسلم "قلت للأوزاعي، ما قوله: اكتبوا لي" قال: هذه الخطبة التي سمعها من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وبهذا تظهر مطابقة هذا الحديث للترجمة.
وقوله:"فقال رجل من قريش إلا الإِذْخِر" الرجل هو العباس بن عبد المطلب كما جاء مسمى في اللقطة، وقد جاء معرفا في الثالث والستين من الوضوء. وقوله إلا الإِذخر هو بكسر الهمزة وسكون الذال وكسر الخاء المعجمتين، نبت معروف عند أهل مكة، طيب الريح، له أصل مندفن وقضبان دقاق، ينبت في السهل والحزْن، وبالمغرب صنف منه، والذي بمكة أجوده. ويجوز فيه الرفع والنصب. أما الرفع فعلى البدل مما قبله، وأما النصب فلكونه استثناءً واقعًا بعد النفي. وقال ابن مالك: المختار النصب، لكون الاستثناء وقع متراخيًا عن المستثنى منه، فبعدت المشاكلة بالبدلية، ولكون الاستثناء، أيضًا، عرض في آخر الكلام، ولم يكن مقصودًا، وللأصيلي "إلا الإِذْخِر" مرتين، والثانية على سبيل التأكيد.
وقوله:"فإنّا نجعله في بيوتنا وقبورنا" وفي رواية المغازي فإنه لابد منه للقين والبيوت" وفي رواية في اللقطة "فإنه لصاغتنا وقبورنا" وفي مرسل مجاهد عند عمر بن شَبَّة الجمع بين الثلاثة. ووقع عنده، أيضًا، فقال العباس: يا رسول الله، إن أهل مكة لا صبر لهم عن الإِذْخِر، لقينهم وبيوتهم، وكان أهل مكة يسقفون به البيوت بين الخشب، ويسدون به الخلل بين اللبنات في القبور، ويستعملونه بدلًا من الحلفاء في الوقود، ولعل فائدته للصاغة هو أنهم يجلون به الذهب والفضة، لقول الأنطاكيّ في تذكرته: "فإنه جلاء"، ولم أر في شروح البخاري ذكرًا لما تستعمله