بالسيف، لا يؤثر ولا يضر. قال السُّهَيليّ: والمعجزات يستحيل أن يدفع بعضها بعضًا، والحق أن معنى قوله "فكتب" أي: أمر عليا أن يكتب.
وفي دعوى أن كتابة اسمه الشريف على هذه الصورة تستلزم مناقضة المعجزة، وتثبت كونه غير أمي نظر كبير. وقوله "كتابًا" بعد قوله "بكتاب" فيه الجناس التام بين الكلمتين، وإن كانت إحداهما بالحقيقة والأخرى بالمجاز. وقوله "لا تضلّوا بعده" هو نفى وحذفت النون منه لأنه بدل من جواب الأمر من غير حرف العطف جائز. وقوله:"فقال عمر غلبه الوجع، وعندنا كتاب الله حسبنا" أي اشتد عليه فيشق عليه إملاء الكتاب، أو مباشرة الكتابة على ما مر من الاحتمالين، وكان عمر رضي الله تعالى عنه، فهم من ذلك أنه يقتضي التطويل. قال القُرطبيّ وغيره:"ائتوني" أمر، وكان حق المأمور أن يبادر للامتثال، لكن ظهر لعمر، رضي الله تعالى عنه، مع طائفة أنه ليس للوجوب، وأنه من باب الإرشاد إلى الأصلح، فكرهوا أن يكلفوه من ذلك ما يشق عليه في تلك الحالة مع استحضارهم قول الله تعالى {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام: ٣٨] وقوله تعالى {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}[النحل: ٨٩] ولهذا قال عمر "حسبنا كتاب الله".
ودل أمره لهم بالقيام على أن أمره الأول كان على الاختيار، ولهذا عاش صلى الله تعالى عليه وسلم، بعد ذلك أياما ولم يعاود أمرهم بذلك. ولو كان واجبًا لم يتركه لاختلافهم؛ لأنه لم يترك التبليغ لمخالفة من خالف. وكان الصحابة يراجعونه في بعض الأمور ما لم يجزم بالأمر، فإذا عزم امتثلوا. قال المازَريّ: إنما جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب مع صريع أمره لهم بذلك؛ لأن الأوامر قد يقارنها ما ينقلها عن الوجوب، فكأنه ظهرت منه قرينة دلت على أن الأمر ليس على التحتم، بل على الاختيار، فاختلف اجتهادهم، وصمم عمر على الامتناع لما قام عنده من القرائن، بأنه عليه الصلاة والسلام، قال ذلك من غير قصد جازم، وعزمه