للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيجوز على القنطرة متوجهًا، فسميت عطية من يقدم على الكبير جائزة. وتستعمل، أيضًا، في إعطاء الشاعر على مدحه ونحو ذلك.

وقوله "بنحو ما كنت أجيزهم" أي بقريب منه. وكانت جائزة الواحد على عهده، صلى الله تعالى عليه وسلم، أوقية من فضة، وهي أربعون درهمًا. وقوله "فخرج ابن عباس يقول: إن الرزية" ظاهره أن ابن عباس كان معهم، وأنه في تلك الحالة خرج قائلًا هذه المقالة، وليس الأمر في الواقع على ما يقتضيه الظاهر، بل قول ابن عباس المذكور إنما كان يقوله عندما يحدث بهذا الحديث. فوجه الرواية أن ابن عباس لما حدث عبيد الله بهذا الحديث، خرج من المكان الذي كان فيه، وهو يقول ذلك. ويدل عليه رواية أبي نعيم في المستخرج، قال عُبيد الله: فسمعت ابن عباس يقول ... الخ وإنما تعين حمله على غير ظاهره؛ لأن عبيد الله تابعيّ من الطبقة الثانية، لم يدرك القصة في وقتها؛ لأنه ولد بعد النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، بمدة طويلة، ثم سمعها من ابن عباس بعد ذلك بمدة أخرى. وفي رواية معمر عند المصنف في الاعتصام "قال عبيد الله: فكان ابن عباس يقول: ... " وكذا لأحمد من طريق جرير بن حازم.

وقوله "إن الرزية" هي بفتح الراء وكسر الزاي بعدها مثناة تحتية ثم همزة، وقد تسهل الهمزة وتشدد الياء، ومعناها المصيبة. وزاد في رواية معمر "لاختلافهم ولغطهم" أي إن الاختلاف كان سببًا لترك كتابة الكتاب.

وفي الحديث دليل على جواز كتابة العلم، وعلى أن الاختلاف قد يكون سببًا في حرمان الخير، كما وقع في قصة الرجلين اللذين تخاصما فرفع تعيين ليلة القدر بسبب ذلك، وفيه وقوع الاجتهاد بحضرته، صلى الله تعالى عليه وسلم، فيما لم ينزل عليه فيه. وقد ذكر البخاريّ في هذا الباب أربعة أحاديث، فبدأ بحديث علي " أنّه كتب عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم"، وقد يطرقه احتمال أن يكون إنما كتب ذلك بعد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ولم يبلغه النهي، وثنى بحديث أبي هريرة، وفيه

<<  <  ج: ص:  >  >>