وقوله "حتى سمعت غَطيطه" بفتح الغين المعجمة، وكسر المهملة الأولى، وهو صوت نفس النائم عند استثقاله، وفي العبادة وغطيط النائم والمخنوق، نخيرهما. وقوله "أو خَطيطه" بفتح الخاء المعجمة وكسر المهملة، شك من الراوي، وهو بمعنى الأول. وقال ابن بطّال: لم أجده بالخاء المعجمة عند أهل اللغة، وتبعه القاضي عياض، وقد نقل ابن الأثير عن أهل الغريب أنه دون الغطيط. وقوله "ثم خرج إلى الصلاة" أي لم يتوضأ؛ لأن من خصائصه أن نومه مضطجعًا لا ينقض وضوءه؛ لأن عينيه تنامان ولا ينام قلبه، كما في البخاري وغيره. ولا يقال إنه معارض بحديث نومه عليه الصلاة والسلام في الوادي إلى أن طلعت الشمس؛ لأنه مجاب عنه بأجوبة، قال النوويّ: له جوابان: أحدهما أن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به، كالحدث والألم ونحوهما، ولا يدرك ما يتعلق بالعين لأنها نائمة، والقلب يقظان. الثاني أنه كان له حالان: حال كان قلبه لا ينام وهو الأغلب، وحال ينام فيه قلبه، وهو نادر، فصادف هذا قصة النوم عن الصلاة. قال: والصحيح المعتمد هو الأول، والثاني ضعيف.
ولا يقال القلب، وإن كان لا يدرك ما يتعلق بالعين من رؤية الفجر مثلًا، لكنه يدرك إذا كان يقظانًا مرور الوقت الطويل، فإنّ من ابتداء طلوع الفجر إلى أن حميت الشمس مدة طويلة، لا تخفى على من لم يكن مستغرقًا؛ لأنّا نقول: يحتمل أن يقال: كان قلبه صلى الله تعالى عليه وسلم إذ ذاك مستغرقًا بالوحي، ولا يلزم مع ذلك وصفه بالنوم، كما كان يستغرق صلى الله تعالى عليه وسلم حالة إلقاء الوحي إليه في اليقظة، وتكون الحكمة في ذلك بيان التشريع بالفعل؛ لأنه أوقع في النفس كما في قضية سهوه في الصلاة.
وقريب من هذا جواب ابن المنير: إن القلب قد يحصل له السهو في اليقظة، لمصلحة التشريع، ففي النوم بطريق الأولى أو على السواء، وقد أجيب بأجوبة أخرى ضعيفة منها: أن معنى قوله "لا ينام قلبي" أي: لا