للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ندري كيف ذلك؟ قال: إذا حدثت رجلًا فلم ينظر إليك لم يكن منصتًا. وهذا في الغالب.

قال ابن بّطال فيه: إن الإنصات للعلماء لازمٌ للمتعلمين؛ لأن العلماء ورثة الأنبياء، كأنه اراد بهذا مناسبة الترجمة للحديث، وذلك أن العقبة المذكورة كانت في حجة الوداع، والجمع كثير جدًا، وكان اجتماعهم لرمي الجمار، وغير ذلك من أمور الحج، وقد قال لهم "خذوا عني مناسككم" كما ثبت في صحيح مسلم، فلما خطبهم ليعلمهم ناسب أن يأمرهم بالإنصات. وقوله "لا ترجعوا بعدي كفارًا" بصيغة النهي، وهو المعروف أي: لا تصيروا. ولأبي ذَر "لا ترجعون" بصيغة الخبر، وقد أطلق الكفر على قتال المؤمنين مبالغة في التحذير من ذلك، لينزجر السامع عن الإقدام عليه أو أنه على سبيل التشبيه؛ لأن ذلك من فعل الكافر، أي لا تتشبهوا بالكفر في قتل بعضهم بعضًا.

وجملة ما قيل في معناه عشرة أقوال:

قيل: المراد به ستر الحق، والكفر، لغةً، الستر؛ لأن حق المسلم أن ينصره ويعينه، فلما قاتله، كأنه غطَّى على حقه الثابت له عليه.

الثاني: هو أن الفعل المذكور يفضي إلى الكفر؛ لأن من اعتاد الهجوم على كبار المعاصي جره شؤم ذلك إلى أشد منها، فيخشى أن لا يختم له بخاتمة الإِسلام.

الثالث: قول الخوارج: إنه على ظاهره.

الرابع: هو في المُسْتَحلِّين.

الخامس: كفارًا بحرمة الدماء، وحرمة المسلمين، وحقوق الدين.

السادس: تفعلون فعل الكفار في قتل بعضهم بعضًا.

السابع: لابسين السلاح، يقال: كفَر دِرْعة، إذا لبس فوقها ثوبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>