وقوله "لنقضت الكعبة" جواب لولا، وقوله "فجعلت لها بابين، بابًا يدخل الناس، وبابًا يخرجون" بتقدير "منه" مع كل من الفعلين وفي رواية الحَمَوِيّ والمستحلى إثبات ضمير الثاني "يخرجون منه"، وهي منازعة بين الفعلين، ولأبي ذرٍّ بنصب "بابًا" في الموضعين على البدل أو البيان، ولغيره بالرفع على الاستئناف. وقوله "ففعله ابن الزبير" يعني ما ذكر من النقض والبناء على ما أراد النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم.
وكان سبب هدم ابن الزبير للكعبة وبنائه لها ما أخرجه مسلم عن عطاء بن أبي رباح قال: لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية حين غزاه أهل الشام، وللفاكهانيّ: لما أحرق أهل الشام الكعبة ورموها بالمنجنيق، وهت الكعبةُ. ولابن سعد في الطبقات عن أبي الحارث بن زَمْعَة قال: ارتحل الحصين بن نُمير الأمير الذي كان يقاتل ابن الزبير من قبل يزيد بن معاوية، لما أتاهم موت يزيد بن معاوية في ربيع الآخر سنة أربع وستين، قال: فأمر ابن الزبير بالخِصاص التي كانت حول الكعبة فهدمت، فإذا الكعبة تنفض، أي تتحرك متوهنة، ترتج من أعلاها إلى أسفلها، فيها أمثال جيوب النساء من حجارة المنجنيق.
ولعبد الرزّاق عن مَرْثد بن شُرَحبيل أنه حضر ذلك، قال: كانت الكعبة قد وهت من حريق أهل الشام، فتركه ابن الزبير حتى قدم الناس الموسم، يريد أن يَحْزُبهم على أهل الشام، فلما صدر الناس قال: أشيروا عليَّ في الكعبة، فكشف عن ربض في الحجر آخذٍ بعضه ببعض، فتركه مكشوفًا ثمانية أيام ليشهدوا عليه، فرأيت ذلك الربض مثل خَلِف الِإبل، وجهُ حَجَر، ووجه حجران، ورأيت الرجل يأخذ العَتلة فيضرب بها من ناحية الركن فيهتز الركن الآخر.
وذكر مسلم في رواية عطاء السابقة إشارة ابن عباس عليه بأن لا يفعل. وقول ابن الزبير: لو أن أحدكم احترق بيته بناه حتى يجدده، وأنه استخار الله ثلاثًا، ثم عزم على أن ينقضها، قال: فتحاماه الناس حتى صعد رجل فألقى منه حَجَرة، فلما لم يره الناس أصابه شيء تتابعوا فنقضوه، حتى