في الغرائب، ومن قبلهم أبو هريرة كما تقدم عنه في الجرابين، وإن المراد ما يقع من الفتن ونحوه، عن حذيفة وعن الحسن أنه أنكر تحديث أنس للحجاج بقصة العرنيين، لأنه اتخذها وسيلة إلى ما كان يتعمده من المبالغة في سفك الدماء، بتأويله الواهي، وضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة، وظاهره في الأصل غير مراد، فالإمساك عنه عند من يُخْشى عليه الأخذ بظاهره -مطلوبٌ.
وقوله "أن يكذَّب الله ورسوله" يكذب بصيغة المجهول، ومعناه أن الإنسان إذا سمع ما لا يفهم، وما لا يتصور إمكانه، اعتقد استحالته جهلًا، فلا يصدق وجوده، فإذا أسند إلى الله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم. لزم ذلك المحذور. ثم ذكر المصنف سند الأثر السابق فقال:
حدثنا عُبيد الله بن موسى عن معروف بن خَرَّبوذ، عن أبي الطُّفيل عن علي بذلك. وقد أخر المؤلف هنا الإسناد عن المتن في رواية غير أبي ذَر، ليميز بين طريقة إسناد الحديث وإسناد الأثر، أو لضعف الإِسناد بسبب ابن خَرَّبوذ أو للتفنن وبيان الجواز، وقد وقع في رواية أبي ذَرٍ مقدمًا على المتن، وسقط هذا الأثر كله من رواية الكشميهنيّ.
ورجال هذا الأثر أربعة: الأول عُبيد الله بن موسى، مر تعريفه في الحديث الأول من الإيمان، ومر تعريف علي بن أبي طالب في السابع والأربعين من كتاب العلم. والثالث معروف بن خَرَّبوذ، بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الراء وضم الباء الموحدة في آخره ذال معجمة، ورواه بعضهم بضم الخاء، المكيّ القرشيّ مولى عثمان، روى عن أبي الطفيل، وأبي جعفر، وروى عنه وكيع وعُبيد الله بن موسى، وهو من صغار التابعين، ضعفه يحيى بن مَعين، وقال أحمد: ما أدري كيف هو. وقال الساجيّ: صدوق، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. وقول ابن حبّان في الضعفاء: كان يشتري الكتب فيحدث بها، ثم تغير حفظه، فكان يحدث على التوهم. كأنه ترجمه لغيره، فإن هذه الصفة مفقودة في حديث معروف. قاله في